للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه القول بالعفو:

أما كون ذاته نجسة؛ فلأنه داخل في عموم الميتة.

وأما وجه العفو عن دمه، فلأن ذلك مما تعم به البلوى، ويشق الاحتراز منه، ولهذا فرقنا بين ما كان من فعله، فلا يعفى عن كثيره، وما كان من غير فعله فيعفى عنه مطلقًا.

ونوقش:

بأن تحريم الميتة كان من أسبابها انحباس الدم فيها،

ولذلك روى البخاري في صحيحه من طريق سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة،

عن جده أنه قال: يا رسول الله ليس لنا مدى فقال ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس الظفر والسن أما الظفر فمدى الحبشة وأما السن فعظم.

فقوله: (ما أنهر الدم)، دليل على أن انحباس الدم وعدم إنهاره مؤثر في حل الذبيحة.

وجاء في حديث ابن عباس في مسلم: إذا دبغ الإهاب فقد طهر (١).

فالإهاب حين كان متصلًا برطوبة النجاسة ودمها كان نجسًا، فإذا دبغ قطعت عنه هذه النجاسات، فأصبح طاهرًا، فما بالك بالحيوان الذي ليس فيه دم أصلًا.

وقد ذكر ابن تيمية أن علة نجاسة الميتة، إنما هو لاحتباس الدم فيها، فما لا نفس له سائلة، ليس فيه دم سائل، فإذا مات لم يكن فيه دم يحتبس فيه، فلا ينجس والذي يوضح هذا أكثر أن الله سبحانه وتعالى حرم علينا الدم المسفوح، قال سبحانه وتعالى: (قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: ١٤٥].


(١) مسلم (٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>