للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجوز العدول إلى الماء؛ لأن الماء أقوى من غيره بالتطهير.

وإن كان الشارع لم ينص على مادة التطهير، وجب الاقتصار على الماء فقط. وهذا القول اختيار الشوكاني رحمه الله (١).

وسبب الاختلاف بين الفقهاء: اختلافهم في فهم الأدلة الواردة في هذا الباب، فقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تطهير دم الحيض وبول الأعرابي والمذي والكلب يلغ في الإناء وآنية أهل الكتاب إذا لم يوجد غيرها ونحو ذلك إلى تطهيرها بالماء في أحاديث صحيحة، وكل هذه الأحاديث قد ذكرت في مسائل سابقة متفرقة، فأخذ منها الجمهور أن النجاسة لا تزال إلا بالماء.

وقاس عليه الحنفية كل مائع مزيل للنجاسة.

وورد الاستجمار بالحجارة، وهي إزالة للنجاسة بغير الماء، كما ثبت طهارة النعل بدلكها بالتراب، وذيل المرأة يمر بالمكان النجس يطهره ما بعده من التراب الطهور، والهرة تأكل الفأرة يطهره ريقها، والخمر يتخلل فيطهر بنفسه بدون أن يضاف إليه ماء طهور، والمسلم يشرب الخمر فيطهر الريق فمه على القول بنجاسة الخمرة، فأخذ منها بعض العلماء جواز إزالة النجاسة بكل مزيل، سواءً كان مائعًا أو جامدًا.

وأجاب الجمهور عن الاستجمار بالحجارة بأنه خاص في موضعه لعموم البلوى فيه، فإذا تجاوز الخارج موضع العادة تعين الماء عند الجمهور (٢)، وتعين المائع المزيل عند الحنفية (٣)، ولا يوجد دليل على أن إزالة النجاسة بالأحجار خاص بالاستجمار،


(١) انظر نيل الأوطار (١/ ٧٠)، والسيل الجرار (١/ ٤٩).
(٢) انظر في مذهب المالكية مواهب الجليل (١/ ٢٨٥)، الخرشي (١/ ١٤٨)، حاشية الدسوقي (١/ ١١٢)، منح الجليل (١/ ١٠٥).
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (١/ ٢٢)، روضة الطالبين (١/ ٦٨)، المجموع (٢/ ١٤٢).
وانظر في مذهب الحنابلة: المبدع (١/ ٨٩)، الإنصاف (١/ ١٠٥)، كشاف القناع (١/ ٦٦).
(٣) البحر الرائق (١/ ٢٥٤)، مراقي الفلاح (ص: ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>