للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: يكره، وهو مذهب المالكية (١).

وأما الحنابلة فجعلوا الماء المسخن بالنجس له ثلاثة أحوال:

الحالة الأولى: أن يتحقق وصول شيء من الدخان أو الرماد إلى الماء.

فالمشهور من مذهب الحنابلة: أنه نجس سواء تغير أو لم يتغير. (٢)

التعليل: لأنه ماء يسير لاقى نجاسة، والماء اليسير إذا لاقى نجاسة فإنه ينجس ولو لم يتغير. وحد اليسير هو أن يكون الماء دون القلتين أي أقل من خمس قرب تقريبًا.

والصحيح هنا أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة فلم تغيره فإنه طهور سواء كان يسيرًا أو كثيرًا، وقد سبق بحث هذه المسألة، ولله الحمد.

مع أن هذا الماء في الحقيقة لم تقع فيه نجاسة وإنما وقع فيه دخان النجاسة، والروث النجس إذا تحول إلى دخان أصبح له حكم الدخان على الصحيح، والدخان كله طاهر، كما أنكم ترون نجاسة الخمرة، وإذا تحولت بنفسها إلى خل طهرت، حتى لو قيل: إنه لا يسلم من صعود أجزاء لطيفة مع الدخان تقع في الماء.

فالجواب: أن هذه الأجزاء اللطيفة قد تحولت إلى رماد، فيكون لها حكم الرماد.

الحالة الثانية: أن يكون الحائل حصينًا بحيث يعلم أن الدخان لم ينفذ إلى الماء.

فالمشهور من المذهب أنه طهور مكروه.

طهور: لأنه لم يقع فيه شيء، لا طاهر، ولا نجس.

ومكروه: وللكراهة مأخذان عندهم:

أحدهما: استعمال النجاسة، فحرارة الماء كانت عن طريق استعمال النجاسة، واستعمال النجاسة مكروه عندهم، وما ترتب على المكروه يكون مكروهًا.


(١) مواهب الجليل (١/ ٨٠).
(٢) شرح منتهى الإرادات (١/ ١٦)، والمغني (١/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>