للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه، فقد أطعمه، ثم هضمه، ثم سهل خروجه، فرأى شكره قاصرًا عن بلوغ هذه النعمة، فتداركه بالاستغفار» (١).

وهذا ليس ببعيد، فإذا كان أكل الطعام من النعيم، وتمام ذلك بخروجه، فقد قال تعالى: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) [التكاثر: ٨]. فناسب أن يطلب المغفرة، والله أعلم.

الوجه الثالث:

قال ابن القيم: «في هذا من السر -والله أعلم- أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، فحمد الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه، وسأل أن يخلصه من المؤذي الآخر، ويريح قلبه منه، ويخففه، وأسرار كلماته وأدعيته فوق ما يخطر بالبال» (٢).

فيكون بذهاب الأذى الحسي، تذكر الأذى المعنوي: وهو الذنوب، فسأل الله المغفرة.

الوجه الرابع:

يذكره بعض الفقهاء، وليس له أصل.

قال الخرشي: «لما كان خروج الأخبثين بسبب خطيئة آدم، ومخالفة الأمر حيث جعل مكثه في الأرض، وما تنال ذريته فيها عظة للعباد، وتذكرة لما تؤول إليه المعاصي، فقد روي: أنه حين وجد من نفسه ريح الغائط، قال: أي رب، ما هذا؟ فقال تعالى: هذا ريح خطيئتك، فكان نبينا، يقول: حين خروجه من الخلاء: غفرانك، التفاتًا إلى هذا الأصل، وتذكيرًا لأمته بهذه العظة» (٣).


(١) المصدر السابق.
(٢) إغاثة اللهفان (١/ ٥٨، ٥٩).
(٣) الخرشي (١/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>