فلا ينبغي أن تعل رواية سعيد بن سلمة بمثل هذا، ولذلك قال الدارقطني بعد أن بين الاختلاف على يحيى بن سعيد: «وأشبهها بالصواب قول مالك، ومن تابعه عن صفوان بن سليم». وقال البيهقي في المعرفة (١/ ٢٣١) بعد أن ساق الاختلاف على سعيد قال: «وهذا الاختلاف يدل على أنه لم يحفظ كما ينبغي، وقد أقام إسناده مالك بن أنس عن صفوان بن سليم، وتابعه على ذلك الليث بن سعد، عن يزيد، عن الجلاح أبي كثير، ثم عمرو بن الحارث عن الجلاح، كلاهما عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة فصار الحديث بذلك صحيحًا كما قال البخاري في رواية أبي عيسى عنه. العلة الرابعة: الاضطراب. فقد ذكروا الاضطراب في رواية كل من محمد بن إسحاق، ويحيى بن سعيد الأنصاري. انظر نصب الراية (١/ ٩٧) والعلل للداقطني (٩/ ١١، ١٣) وقد بينت أن هذا يضعف روايتهما، ولكن لا تعل به رواية الإمام مالك عن صفوان بن سليم ومن تابعه، كما أن للحديث شواهد منها: الشاهد الأول: حديث جابر: روى الإمام أحمد (٣/ ٣٧٣) قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد، أخبرني إسحاق بن حازم، عن أبي مقسم -يعني عبيد الله بن مقسم- عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. قال الحافظ في الدراية (ص ٤٥): إسناده لا بأس به. اهـ وأبو القاسم بن أبي الزناد: قال الحافظ في التقريب (٨٣٠٩): ليس به بأس. وأثنى عليه الإمام أحمد، وقال فيه ابن معين: ليس به بأس. انظر تهذيب الكمال (٣٤/ ١٩٢). وإسحاق بن حازم: قال فيه الحافظ (٣٤٨): صدوق تكلم فيه للقدر. اهـ قلت: لنا صدقه وعليه بدعته، وقد وثقه أحمد ويحيى بن معين كما في تهذيب الكمال (٢/ ٤١٧، ٤١٨). وعبيد الله بن مقسم ثقة مشهور أخرج له البخاري ومسلم. انظر التقريب (٤٣٤). فهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة. [تخريج حديث جابر]. الحديث أخرجه أحمد، ومن طريق أحمد أخرجه ابن ماجه (٣٨٨) وابن الجارود في المنتقى (٨٧٩)، وابن خزيمة (١١٢)، وابن حبان (١٢٤٤) والدارقطني (١/ ٣٤) والبيهقي (١/ ٢٥١، ٢٥٢). واختلف فيه على إسحاق بن حازم، فروي عنه كما سبق. =