للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس فيه أحجار، لقوله لعبد الله: ناولني ثلاثة أحجار، ولو كان بحضرته من ذلك شيء لما احتاج إلى أن يناوله من غير ذلك المكان، فلما أتاه عبد الله بحجرين وروثة، فألقى الروثة، وأخذ الحجرين، دل ذلك على استعماله الحجرين، وعلى أنه قد رأى أن الاستجمار بهما يجزيء، ولو كان لا يجزئ الاستجمار بما دون الثلاث لما اكتفى بالحجرين، ولأمر عبد الله أن يبغيه ثالثًا، ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين (١).

وطريق آخر للاستدلال على جواز الأقل من ثلاثة:

أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من ابن مسعود ثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين، فإما أن يكون ابن مسعود لم يأته بالثالث، أو أنه أتاه به، وعلى الحالين ففيه دليل على عدم اشتراط ثلاثة أحجار؛ لأنه صلى الله عليه وسلم اقتصر في الموضعين على ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة.

• وأجيب عن هذا الدليل:

قالوا: كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب حجرًا ثالثًا لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب ثلاثة أحجار، فلم يجدد الأمر بطلب الثالث، أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصود بالثلاث أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد.

قال ابن حزم رحمه الله: «وليس في الحديث أنه عليه السلام اكتفى بالحجرين، وقد صح أمره صلى الله عليه وسلم له أن يأتيه بثلاثة أحجار، فالأمر باق لازم، لابد من إبقائه» (٢).

أما قولكم: إنه استعمل في الموضعين ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة، فيحتمل أنه لم يخرج منه شيء إلا من سبيل واحد، خاصة إذا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم من عادته إذا أراد الغائط أبعد، حتى يستتر عن أعين الناس، بحيث لا يراه أحد، ولم


(١) شرح معاني الآثار (١/ ١٢٢).
(٢) المحلى (١/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>