للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: لا فرق بين دم العلة والفساد، وبين دم الاستحاضة، فكل واحد منهما يطلق على الآخر؛ لأن دم الاستحاضة دم علة ومرض.

وإذا كان الفساد يقابله الصحيح، أو الصحة؛ فإن دم الاستحاضة ليس عن صحة، بل هو عن علة ومرض فيكون فسادًا.

وهل الخلاف لفظي، لا يتجاوز المصطلح؟ أم بينهما فرق في الأحكام؟ قد يقال: إن الخلاف لفظي؛ لأن دم الفساد، ودم الاستحاضة كل منهما لا يمنع الصلاة والصيام ونحوهما.

وقد يقال: إن الخلاف ليس لفظيًا؛ فإن دم الاستحاضة له أحكام من العمل بالعادة إذا أقبلت، أو العمل بالتمييز، بينما دم الفساد هو كالجرح، وكمن به سلس بول؛ لأنه قد يحصل من الصغيرة التي لا تحيض فلا يمكن أن ينزل عليه أحكام الحيض، كما لا يمكن أن ينزل عليه أحكام الاستحاضة.

إذا عرفت ذلك، فإليك النقول عن أهل العلم.

قال ابن نجيم في البحر الرائق: «قال بعضهم إن ما تراه المرأة قبل استكمال تسع سنين فهو دم فساد، ولا يقال له استحاضة؛ لأن الاستحاضة لا تكون إلا على صفة لاتكون حيضًا؛ ولهذا قال الأزهري: الاستحاضة سيلان الدم في غير أوقاته المعتادة» (١).

قلت: التعليل ليس بجيد؛ لأن الدم الذي تراه قبل تسع سنين على القول بالتحديد يصدق عليه أنه على صفة لا تكون حيضًا.

وقال الشافعي كما في المجموع: «لو رأت الدم قبل استكمال تسع سنين، فهو دم فساد. ولا يقال له استحاضة؛ لأن الاستحاضة لا تكون إلا على إثر حيض -ثم قال في فصل المميزة-: «ولو رأت الدم خمسة عشر يومًا دمًا أسود، ثم رأت أحمر، فالأسود


(١) البحر الرائق (١/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>