للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يقل: فليرتجعها، والمراجعة مفاعلة من الجانبين: أي ترجع إليه ببدنها فيجتمعان كما كانا؛ لأن الطلاق لم يلزمه» (١).

وقال لي بعض الإخوة في المذاكرة: أن ابن عمر حين توهم وقوع الطلاق خاطبه الرسول صلى الله عليه وسلم حسب ظنه وفهمه الخاطئ، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالمراجعة مع أن الطلاق لم يقع.

قال ابن القيم: «المراجعة وقعت في كلام الله ورسوله على ثلاث معان:

أحدها: ابتداء النكاح، لقوله تعالى: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) [البقرة: ٢٣٠] ولا خلاف بين أحد من أهل العلم بالقرآن أن المطلق ها هنا الزوج الثاني وأن التراجع بينها وبين الزوج الأول، وذلك نكاح مبتدأ.

وثالثها: الرد الحسي الذي كان عليها أولًا كقوله لأبي النعمان بن بشير، لما نحل ابنه غلامًا خصه به دون ولده، قال له: رده. فهذا رد ما لم تصح فيه الهبة الجائرة التي سماها الرسول صلى الله عليه وسلم جورًا، وأخبر أنها لا تصلح، وأنها خلاف العدل ومن هذا قوله لمن فرق بين جارية وولدها في البيع فنهاه عن ذلك ورد البيع، وليس هذا الرد مستلزمًا لصحة البيع، فإنه بيع باطل، بل هو رد شيئين إلى حالة اجتماعها كما كانا، وهكذا الأمر بمراجعة ابن عمر امرأته ارتجاع ورد إلى حالة الاجتماع كما كان قبل الطلاق، وليس في ذلك ما يقتضي وقوع الطلاق في الحيض البتة» (٢).

ولم يذكر المعنى الثاني للمراجعة، لأنها هي الأصل، وهي إرجاع المرأة المطلقة الرجعية إلى عقد الزوجية.

وقد بين ابن القيم في تهذيب السنن المعنى الثالث للإرجاع .. فقال: «وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها، فهو حجة على عدم الوقوع، لأنه لما طلقها، والرجل من


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٢/ ٣٣).
(٢) زاد المعاد (٤/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>