قال الدارقطني: قال لنا أبو القاسم: روى هذا الحديث غير واحد ولم يذكر فيه كلام عمر، ولا أعلمه روى هذا الكلام غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي (١).
قلت: الرواة الذين رووا الحديث عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر في قصة طلاقه امرأته وهي حائض، هذا حديث، وحديثنا هذا حديث آخر ليس فيه ذكر قصة طلاق ابن عمر، وإنما هو في قصة رجل طلق امرأته وأبانها وهي حائض، فاستفتى عمر وأفتى له بأنه قد أبان امرأته، وحين ذكر له قصة ابن عمر معترضًا بها على فتوى عمر، أخبره عمر بأن ابن عمر قد حسبت طلقته، ولكنه قد بقي له من طلاقها فالحديث في قصتين مختلفتين عندي، فلا يقال الرواة الذين رووا هذا الحديث عن عبيد الله لم يذكروا فيه كلام عمر، نعم لو كانت القصة واحدة في الحديثين، ثم زاد فيها سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، لكانت زيادته قد يحكم لها بالشذوذ إذا خالفت من هو أوثق منه، والله أعلم، إلا أن يقال: تفرد سعيد بن عبد الرحمن الجمحي بهذه القصة عن بقية تلاميذ أصحاب عبيد الله يجعلها شاذة، فإن عبيد الله بن عمر لو كانت هذه القصة من حديثه لرواها أكابر أصحابه، ولَمَا غفلوا عن ذكرها، والمتقدمون من أئمة الحديث ربما أعلوا الحديث بمثل هذا إذا كان المتن مما يستنكر، وأما إن كان المتن مستقيمًا قبلوه، بخلاف المتأخرين فلا يعتبرون التفرد من الثقة علة في الحديث مطلقًا. على أن عناية المحدثين بالآثار المرفوعة أكثر من عنايتهم بالآثار الموقوفة، والتفرد بالآثار كثير، بخلاف المرفوع؛ وما وقع للرجل من طلاق امرأته ملحق بالآثار، وليس بالسنة المرفوعة، وقصة ابن عمر لم تكن مقصودة في هذا الأثر إلا على سبيل الاستفهام من الفتوى، والله أعلم.
وفي القصة دليل من وجه آخر: وهو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من الخلفاء الراشدين يرى وقوع طلاق الحائض، وهو الذي راجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في