للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• والجواب عن هذا الحديث:

أولًا: ضعف قوله: (ولم يرها شيئًا) فقد حكم بضعفها الشافعي وأبو داود وابن عبد البر والخطابي وغيرهم.

ثانيًا: على فرض ثبوتها ... فإنه لابد إما من الترجيح، أو الجمع بين هذا الحديث والأحاديث التي تدل على وقوع الطلاق.

فأما الترجيح فلا شك أن الأحاديث التي تثبت وقوع الطلاق أقوى إسنادًا وأكثر عددًا، وقد سقتها في أدلة القول الأول.

قال الحافظ في الفتح: «وأما قول ابن عمر: إنها حسبت عليه بتطليقه، فإنه وإن لم يصرح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيه تسليم أن ابن عمر قال: إنها حسبت عليه، فكيف يجتمع مع هذا قوله: إنه لم يعتد بها، أو لم يرها شيئًا على المعنى الذي ذهب إليه المخالف؛ لأنه إن جعل الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم لزم منه أن ابن عمر خالف ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة بخصوصها؛ لأنه قال: إنها حسبت عليه بتطليقه، فيكون من حسبها عليه خالف كونه لم يرها شيئًا.

وكيف يظن به ذلك مع اهتمامه، واهتمام أبيه بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ليفعل ما يأمره به؟ وإن جعل الضمير في قوله: (لم يعتد بها أو لم يرها) لابن عمر لزم منه التناقض في القصة الواحدة، فيفتقر إلى الترجيح، ولا شك أن الأخذ بما رواه الأكثر والأحفظ أولى من مقابله عند تعذر الجمع عند الجمهور، والله أعلم (١).

هذا جواب من رام الترجيح بين الأحاديث.

وأما من رام الجمع بينهما، فإن الأحاديث التي تدل على وقوع الطلاق مع صحتها صريحة لا تحتمل التأويل.

وأما حديث أبي الزبير (فردها علي ولم يرها شيئًا) فمحتمل للتأويل.


(١) فتح الباري (١٠/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>