وحجة القاضي عياض أن الحديث فيه: (ويكتب الملك)، إلا أن الكتابة التي احتج بها القاضي عياض إنما هي للأمور المستقبلية كالأجل، والرزق، وأما التخليق فقد عبر عنه بصيغة الماضي، بعث الله إليها ملكًا، فصورها، وخلق سمعها، وبصرها، وجلدها، ولحمها، وعظمها ... وقد اطلعت على كتاب يصور مراحل الجنين، وكان يكبر العلقة، والمضغة عشرات المرات فكان يظهر فيها تخطيط، وحدود للجمجة والأعضاء إلا أنه لا يتبين أنه خلق آدمي، وإنما هو خلق بدائي، فربما التخلق الذي في حديث حذيفة هو التخلق الخفي الذي لا يظهر بالعين المجردة وإنما عن طريق التكبير عشرات المرات، والمقصود في حديث ابن مسعود هو التخلق الجلي الذي يظهر لكل الناس. والله أعلم. ثم وجدت من كلام أهل العلم ما يؤيد هذا، قال ابن القيم كما في فتح الباري: قوله «ثم تكون علقة مثل ذلك» فإن العلقة وإن كانت قطعة دم لكنها في هذه الأربعين الثانية تنتقل عن صورة المني، ويظهر التخطيط فيها ظهورًا خفيًا على التدريج، ثم يتصلب في الأربعين يومًا بتزايد ذلك التخلق شيئًا فشيئًا حتى يصير مضغة مخلقة ويظهر للحس ظهورًا لا خفاء به، وعند تمام الأربعين الثالثة والطعن في الأربعين الرابعة ينفخ فيه الروح.