للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسوف يكون كلامنا في تناول هذه الآيات، والحديثين.

فقد ذكر الله سبحانه وتعالى أطوار خلق الإنسان، فبين أن ابتداء خلقه من تراب، فالتراب هو الطور الأول.

والطور الثاني: هو النطفة.

والنطفة في اللغة: هو الماء القليل. ومنه قول الشاعر

وما عليك إذا أخبرتني دنفًا ... وغاب بعلك يومًا أن تعوديني

وتجعلي نطفة في القعب باردة ... وتغمسي فاك فيها ثم تسقيني

فقوله: وتجعلي نطفة: أي ماء قليلًا في القعب، والمراد بالنطفة في هذه الآية الكريمة: نطفة المني المختلطة من ماء الرجل، وماء المرأة خلافًا لمن زعم أنها من ماء الرجل وحده.

قال الزبيدي في تاج العروس: في التنزيل: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) قال الفراء: الأمشاج: هي الأخلاط: ماء الرجل، وماء المرأة، والدم والعلقة (١).

وقال ابن السكيت: الأمشاج: الأخلاط. يريد النطفة؛ لأنها ممتزجة من أنواع، ولذلك يولد الإنسان ذا طبائع مختلفة (٢).


(١) ونقل البخاري هذا الكلام في صحيحه في تفسير سورة الإنسان (٨/ ٨٨٤) غير منسوب، وأوضح ابن حجر أن هذا الكلام للفراء. والله أعلم
(٢) تاج العروس (٣/ ٤٨٧). وذكر ابن جرير الطبري في تفسيره (١٢/ ٣٥٤ ـ ٣٥٦): أربعة معان للنطفة الأمشاج، ورجح أن تكون الأمشاج بمعنى الأخلاط.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره
وقوله: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ) يقول تعالى ذكره: إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة، يعني: من ماء الرجل وماء المرأة. والنطفة: كل ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة أو غير ذلك كما قال عبد الله بن رواحة:
.................... ... هل أنت إلا نطفة في شنه
وقوله (أمشاج) يعني أخلاط، واحدها: مشج، ومشيج، مثل خدن وخدين =

<<  <  ج: ص:  >  >>