للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= المكروه لا يذم فاعله، قد ذهب إلى هذا بعض طلبة العلم، ممن أستفيد من كتاباتهم.
وقد يقال: الكراهة على وجهها، والمكروه قد يذم فاعله؛ لأنه فعله وتركه ليس مستوي الطرفين، خاصة أنه عطف القص على الحلق، وقد قال بعد ذلك: «وتكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها كما تكره في قصها وجزها ... » فالقص هنا هو القص المذكور مع الحلق، وإذا كانت تعظيم اللحية وتحليتها لا يلحق في المحرمات، لم يلحق بالمحرمات القص، وإذا كان القص مكروهًا كان الحلق مكروهًا لأنه معطوف عليه، خاصة أنه ذكر أن السلف إنما هم مختلفون في مقدار القص ووقته، فقال: منهم من لم يحدد إلا أنه لم يتركها لحد الشهرة، ويأخذ منها، وكره مالك طولها جدًّا، ومنهم من حدد فما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة» فهذا مذهب السلف في القص، وقد عطف عليه الحلق، فالذي يظهر لي أن الكراهة مذهب للقاضي عياض في حلق اللحية، وهي خلاف المشهور من مذهب المالكية، فإنهم قد ذهبوا إلى تحريم الحلق، والله أعلم.
قال الرملي في حاشيته على أسنى المطالب (١/ ٥٥١): «قول الحليمي في منهاجه لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه ضعيف».
وقال في تحفة المحتاج: «ذكروا هنا في اللحية ونحوها خصالًا مكروهة، منها نتفها وحلقها، وكذا الحاجبان، ولا ينافيه قول الحليمي لا يحل ذلك لإمكان حمله على أن المراد نفي الحل المستوي الطرفين».
وقال ابن الملقن في شرحه لعمدة الأحكام: (ص: ٧١٢): «والمعروف في المذهب الكراهة».
والمذهب عند الشافعية على ما قرره الرافعي والنووي، وقد اختارا الكراهة، جاء في إعانة الطالبين (٢/ ٣٨٦): «قال الشيخان: يكره حلق اللحية ... ».
وقال أيضًا في نفس الصفحة: «المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام وابن حجر في التحفة، والرملي، والخطيب، وغيرهم الكراهة».
وفي حاشية الشرواني (٩/ ٣٧٦): «قال الشيخان: يكره حلق اللحية، واعترضه ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعي رضي الله عنه نص في الأم على التحريم. قال الزركشي: وكذا الحليمي في شعب الإيمان، وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة ... ».
والحق أن الشافعي ليس له نص في المسألة، ولهذا الشافعية يذكرون أن في المذهب وجهين، المعتمد منهما الكراهة، ولو كان عن الشافعي رواية لم يعبر بالوجه، وقول ابن الرفعة خطأ، فالشافعي في الأم (٦/ ٨٨) إنما أوجب على من صب حميمًا على رأس رجل أو لحيته فلم تنبت حكومة وهذا من باب العقوبة، ولا دخل له في حكم الحلق، وهو مشروط بعدم نبات الشعر، سواء كان في الرأس أو في اللحية، ولذلك قال بعده: «ولو حلقه حلاق، فنبت شعره كما كان أو أجود فليس عليه شيء».

<<  <  ج: ص:  >  >>