للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ورد هذا:

بأنه لو سلم الإجماع فإنه في الشارب، وليس في اللحية، ودلالة الاقتران دلالة ضعيفة.

• وأجيب على هذا الرد:

بأن هذا ليس من باب دلالة الاقتران كما فهم بعض الإخوة، وإنما هو من باب أن الاشتراك في العلة يعني الاشتراك في الحكم، فالحديث واحد، والعلة فيه واحدة توجهت لأمرين معًا، وهو الشعر، ومحله الوجه: شعر اللحية وشعر الشارب، فما كان فوق الشفة في حكم ما كان أسفل الشفة، فمن أراد أن يفرق بينهما في الحكم فعليه الدليل، ولا يجوز التفريق للتشهي، فهو يقول: أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب خالفوا المشركين، فقوله: خالفوا المشركين إن كانت هذه العلة دالة على التحريم في اللحية فهي تدل على التحريم في الشارب، والعكس صحيح، إذا لم تدل على التحريم في الشارب وحكي فيها الإجماع لم تدل على التحريم في اللحية.

الصارف الثالث:

أن مخالفة المشركين إن كانت في أمور الاعتقاد وأصول العبادات فهي على الوجوب، وموافقتهم محرمة وقد تبلغ الشرك، وإن كانت في أمور الهيئة والشعر فهي لا تبلغ الوجوب، ومخالفتهم مستحبة، وموافقتهم دائرة بين الكراهة وخلاف الأولى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم متفق عليه من حديث أبي هريرة، والصبغ ليس بواجب، والأمر يتعلق بالشعر، ومنه شعر اللحية، وقوله: أعفوا اللحى خالفوا المشركين، الأمر يتعلق بالشعر، والعلة المخالفة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسدل شعره، ثم فرقه مخالفة لأهل الكتاب كما في حديث ابن عباس في الصحيحين (١)، وفرق الشعر ليس بواجب، فأنت ترى أن شعر الشارب،


(١) صحيح البخاري (٣٥٥٨)، ورواه مسلم (٢٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>