للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: له الأخذ منها، وهو مذهب كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (١)، والحسن


= عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، فرواه الترمذي بإسناد ضعيف». اهـ
وقال أيضًا في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٥١): «والمختار ترك اللحية على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير شيء أصلًا». اهـ والنص الأول يفسر معنى كلمة: والمختار ترك اللحية.
وقال العراقي في طرح التثريب (٢/ ٨٣): «واستدل الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها، وأن لا يقطع منها شيئًا، وهو قول الشافعي وأصحابه». فالنووي عبر بالكراهة، والعراقي عبر بقوله: إنه خلاف الأولى، هذا أشد ما نقل من الأقوال في الأخذ من اللحية، وأما أن يقول أحد: إنه يحرم الأخذ منها في غير النسك، فهذا ينبغي أن يعترف صاحبه بأنه قال به تفقهًا دون أن يدعي أنه أخذه عن إمام واحد من السلف، فضلًا أن يزعم صاحبه أنه قول استقرت عليه الشريعة من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا، ولو لم يكن في هذا القول إلا اتباع السلف لكان خيرًا لي من أن أقلد الخلف في تشدد ليس عليه أثارة من علم، فالله المستعان.
على أن الأخذ منها كونه خلاف الأولى في مذهب الشافعية ينبغي أن يقيد هذا في غير النسك، فإن مذهب الشافعية استحباب الأخذ من اللحية في النسك، وسوف يأتي النقل عن إمامهم رحمه الله بعد قليل.
وقد جاء في المجموع (١/ ٣٤٢) كراهيته عن الحسن وقتادة، والمنقول عنهما خلاف هذا، فقد روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن أبي هلال، قال: سألت الحسن وابن سيرين فقالا: لا بأس أن تأخذ من طول لحيتك.
وفي إسناده أبو هلال الراسبي صدوق فيه لين إلا أنه هنا يحكي شيئًا وقع له، فالأقرب صحته، ويختلف هذا عن شيء سمعه فرواه لأن هذا قد يدخله الوهم، وقد يعتريه سوء الحفظ، والله أعلم.
وروى ابن أبي شيبة أيضًا (٥/ ٢٢٥)، قال: حدثنا عائذ بن حبيب، عن أشعث، عن الحسن، قال: كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها.
وهذا إسناد ضعيف فيه أشعث بن سوار الكندي، وهذه المتابعة تقوي الطريق الأول. وانظر مذهب قتادة في التمهيد (٢٤/ ١٤٦)، وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ١٤٦): «وكان قتادة يكره أن يأخذ من لحيته إلا في حج أو عمرة، وكان يأخذ من عارضيه، وكان الحسن يأخذ من طول لحيته، وكان ابن سيرين لا يرى بذلك بأسًا».
(١) ذكر ذلك عنهم جابر بن عبد الله بسند حسن، وسيأتي تخريجه، والكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>