وإذا ثبت أن الصحابة يأخذون من اللحية في النسك، فإن هناك مقدمتين ونتيجة:
المقدمة الأولى: هل كان الصحابة يجهلون الأمر بإعفاء اللحية، هذا الحكم الذي يعرفه آحاد المسلمين في بلادنا؟
المقدمة الثانية: إذا كانوا لا يجهلون الأمر بإعفاء اللحية، فإن السؤال، هل كان الصحابة لا يعرفون لغة مدلول كلمة الإعفاء في الأمر النبوي؟ وهذا أيضًا لا يمكن أن يقال: إن الصحابة، وهم أهل اللسان، وبلغتهم نزل التشريع، لا يمكن أن يقال: لا يعرفون مدلول كلمة الإعفاء. فبقي أن نقول بعد التسليم بالمقدمتين: وهو كون الأمر بإعفاء اللحية معلومًا لدى الصحابة، ومعنى الإعفاء معلوم أيضًا، فيبقى التسليم لفهم الصحابة أولى من التسليم لفهم من دونهم.
السؤال الآخر: هل كان ابن عمر لا يأخذ من لحيته إلا في النسك؟
والجواب:
ثبت عن ابن عمر أنه كان يأخذ من لحيته خارج النسك.
(٢١٩٦ - ١٤٧) روى مالك في الموطأ عن نافع:
أن ابن عمر كان إذا أفطر من رمضان، وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه، ولا من لحيته شيئًا حتى يحج (١).
وهذا الإسناد من أصح الأسانيد، وفيه فائدتان:
الفائدة الأولى:
أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يمتنع من الأخذ من لحيته بقيدين:
الأول: بعد الإفطار من رمضان، وأما قبل الإفطار فكان يأخذ من رأسه ولحيته مطلقًا، نوى الحج أو لم ينو.