للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا ابن عبد البر (١)، والقاضي عياض (٢)، وابن جرير الطبري (٣)، والطيبي (٤) والغزالي من الشافعية (٥)، والحافظ ابن حجر (٦) يرون جواز الأخذ من اللحية.

وقال ابن تيمية: وأما إعفاء اللحية فإنه يترك، ولو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره، نص عليه (٧). فقل بالله عليك مَنِ العلماء غيرهم؟ أفيكون قول يراه كل هؤلاء من لدن الصحابة حتى عصر الإمام أحمد، أفيكون قولًا شاذًا مخالفًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اعترض ابن هانئ على أحمد بأحاديث الأعفاء، فأخبر بأن هذا من الإعفاء والله أعلم.

وقد كتب لي بعض الإخوة كتابًا خاصًا مستنكرًا أني أرى الإجماع على جواز


(١) التمهيد (٢٤/ ١٤٥).
(٢) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٦٤).
(٣) نقل العيني في عمدة القاري (٢٢/ ٤٦، ٤٧): «وقال الطبري: فإن قلت ما وجه قوله: (أعفوا اللحى)، وقد علمت أن الإعفاء الإكثار، وأن من الناس من إذا ترك شعر لحيته اتباعًا منه لظاهر قوله: (أعفوا) فيتفاحش طولًا وعرضًا ويسمج حتى يصير للناس حديثًا ومثلًا؟
قيل: قد ثبتت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خصوص هذا الخبر، وأن اللحية محظور إعفاؤها، وواجب قصها على اختلاف من السلف في قدر ذلك وحده.
فقال بعضهم: حد ذلك أن يزاد على قدر القبضة طولًا، وأن ينتشر عرضًا فيقبح ذلك، وروى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رأى رجلًا قد ترك لحيته حتى كبرت، فأخذ يجذبها، ثم قال: ائتوني بجلمتين، ثم أمر رجلًا فجز ما تحت يده، ثم قال: اذهب فأصلح شعرك، أو أفسده، يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع، ثم قال:
وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش أخذه، ولم يحدوا في ذلك حدًّا .. إلخ كلامه رحمه الله، فهذا ابن جرير الطبري يرى وجوب الأخذ من اللحية.
(٤) قال الطيبي في شرح المشكاة (٨/ ٢٥٤): عن الأخذ من اللحية: «هذا لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى)؛ لأن المنهي هو قصها، كفعل الأعاجم، أو جعلها كذنب الحمام، فالمراد بالإعفاء التوفير منه، كما في الرواية الأخرى، والأخذ من الأطراف قليلًا لا يكون من القص في شيء». اهـ
(٥) المجموع (١/ ٣٤٤).
(٦) فتح الباري (١٠/ ٣٥٠).
(٧) شرح العمدة في الفقه (١/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>