للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن المرجع هو أبو الزبير، وقد صرح أنها ليست في الحديث.

وثانيًا: أن ابن جريج كان يصبغ بالسواد، وهو ممن روى الحديث عن أبي الزبير.

• وأجيب:

أولًا: أنه قد رواه جملة من الرواة غير زهير بن معاوية بإثبات: (وجنبوه السواد) منهم ابن جريج وهو في مسلم، وأيوب السختياني عند أبي عوانة. وليث بن أبي سليم، وأجلح وفي إسناديهما ضعف منجبر، فلا يتصور وقوع إدراج في الحديث؛ لأن الإدراج يحتمل وروده من الواحد، أما من الجماعة فبعيد.

وعليه فيكون نفي أبي الزبير محمولًا على نسيانه لها، وهذا قد يحدث لبعض الحفاظ الكبار كما هو معروف.

قلت: ليست العلة في الحديث إدراج لفظة: (وجنبوه السواد) إنما علته تردد

أبي الزبير، فتارة يثبتها، وتارة ينفيها، ولو كان أبو الزبير يشك في ثبوتها أو يتردد لقيل: من حفظ مقدم على من لم يحفظ، وإذا اختلف على الراوي فتارة يذكرها، وتارة ينفيها كان هذا سببًا في إضعاف روايته، ولا أحمل على أحد من الرواة عن أبي الزبير، وإنما الحمل عليه هو. وأبو الزبير ليس بالمتقن (١).


(١) قال الخطيب في الكفاية (ص: ١٣٨): «ما قولكم فيمن أنكر شيخه أن يكون حدثه بما رواه عنه؟
قيل: إن كان إنكاره لذلك إنكار شاك متوقف، وهو لا يدرى هل حدثه به أم لا فهو غير جارح لمن روى عنه، ولا مكذب له، ويجب قبول هذا الحديث والعمل به؛ لأنه قد يحدث الرجل بالحديث وينسى أنه حدث به، وهذا غير قاطع على تكذيب من روى عنه، وإن كان جحوده للرواية عنه جحود مصمم على تكذيب الراوي عنه، وقاطع على أنه لم يحدثه، ويقول: كذب على فذلك جرح منه له، فيجب أن لا يعمل بذلك الحديث وحده من حديث الراوي، ولا يكون هذا الإنكار جرحًا يبطل جميع ما يرويه الراوي؛ لأنه جرح غير ثابت بالواحد، ولأن الراوي العدل أيضًا يجرح شيخه، ويقول: قد كذب في تكذيبه لي، وهو يعلم أنه قد حدثني، ولو قال: لا أدرى حدثته أولا؟ لوقفت في حاله، فأما قوله: أنا أعلم أنى ما حدثته، فقد كذب وليس جرح شيخه له أولى من قبول جرحه لشيخه، فيجب إيقاف العمل بهذا الخبر، ويرجع في الحكم إلى غيره، ويجعل بمثابة ما لم يرو». =

<<  <  ج: ص:  >  >>