للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: وأما كون ابن جريج يصبغ، فليس بحجة في قوله، ولا في فعله، فالحجة في روايته، فكيف تبطلون ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل تابعي غير معصوم؟ ! !

ثانيًا: أن الإمام أحمد قد جاء عنه ما يدل على تصحيحه لهذه اللفظة.

(٢٢٢٩ - ١٨٠) جاء في كتاب الترجل والوقوف: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: وأكره السواد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وجنبوه السواد (١).

وجَزْمُ إمام أهل السنة بنسبة الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على ثبوته عنده، فلو كان الاختلاف على أبي الزبير مؤثرًا لأعله إمام أهل السنة، فإنه في العلل سل به خبيرًا.

قلت: فأما كراهيته للسواد فهذا ثابت عن أحمد، لا نزاع في ثبوته عنه، ولا يلزم من كراهيته له أن تكون زيادة: (وجنبوه السواد) ثابتة؛ لأن الإمام قد يأخذ به فقهًا لأمور ودواع أخرى مما يوافق أصوله، ولا يراه ثابتًا من ناحية الإسناد، فهذا حديث التسمية في الوضوء يرى الإمام أحمد أنه لا يصح في الباب شيء، ومع ذلك يراه فقهًا، وأمثلة هذا كثيرة.


= وقال ابن كثير في مختصر علوم الحديث المطبوع مع الباعث الحثيث (١/ ٣١٠): «مسألة: وإذا حدث ثقة، عن ثقة بحديث، فأنكر الشيخ سماعه بالكلية:
فاختار ابن الصلاح أنه لا تقبل روايته عنه لجزمه بإنكاره، ولا يقدح ذلك في عدالة الراوي عنه فيما عداه، بخلاف ما إذا قال: لا أعرف هذا الحديث من سماعي، فإنه تقبل روايته عنه، وأما إذا نسيه فإن الجمهور يقبلونه». اهـ
لكن يعكر عليه قوله في (ص: ٢٨٣): «إن أهل العلم كافة اتفقوا على العمل باللفظ الزائد في الحديث إذا قال راويه: لا أحفظ هذه اللفظة، وأحفظ أني رويت ما عداها ... ». إلخ.
إلا أن يقال: إن قوله: «لا أحفظ ليس بمثابة قوله: أحفظ أني لم أروها، لأن هناك فرقًا بين النفي والإثبات، والله أعلم. وعلى كل حال قد يختلف الحال من راو لأخر، وقد يوجد إنكار لفظة من طريق تثبت من طريق آخر، فكل حالة لها حكم خاص أشبه بزيادة الثقة والشذوذ، ومنه يتبين هل يكون إنكار راويه يبطلها أو لا يبطلها، وقد يعرف من أين أتى الخطأ من الشيخ أو من التلميذ حال تتبع الحكم على الزيادة من جميع الطرق والشواهد، والله أعلم.
(١) الوقوف والترجل (ص: ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>