للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما نسبة الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء من طريق عصمة بن عصام، عن حنبل ابن إسحاق، عن أحمد، فلا أظنها تثبت عنه (١).

ثالثًا: أن الإمام مسلمًا قد أخرجها في صحيحه، وهو أصح كتاب بعد البخاري، وقد تلقته الأمة بالقبول، وإخراجها في كتابه تصحيح لها، وهذا يدل على أن الحديث ثابت عنده، وكفى بذلك تصحيحًا.

• وأجيب:

لا يلزم من إيراد مسلم له في صحيحه أن يكون قد صحح هذه الزيادة، فقد قال لي بعض الإخوة في المذاكرة: إذا ساق مسلم الحديث بلفظ، ثم أعقبه بلفظ آخر يخالفه كان ذلك منه تنبيهًا على علته، ولو لم يصرح، وقد أكثر من هذا أبو داود في سننه.

وهذا يمكن أن يقبل لو نص عليه إمام، أو كان نتيجة للدارسة والسبر، فإن كان


(١) عصمة بن عصام، له ترجمة في تاريخ بغداد وذكر عنه أنه يروى عن حنبل، ولم يذكر راويًا عنه سوى الخلال، ولم يذكر فيه شيئًا من جرح أو تعديل. تاريخ بغداد (١٢/ ٢٨٨).
وأما حنبل فهو وإن كان ثقة في نفسه، إلا أنه تكلم فيما ينفرد به عن أحمد،
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٦/ ٤٠٥): «وحنبل ينفرد بروايات يغلطه فيها طائفة كالخلال وصاحبه».
وقال ابن رجب عن رواية حنبل في شرحه للبخاري (٢/ ٣٦٧): «وهو ثقة، إلا أنه يهم أحيانًا، وقد اختلف متقدمو الأصحاب فيما تفرد به حنبل عن أحمد، هل تثبت به رواية عنه أم لا؟
وقال أيضًا (٧/ ٢٢٩): «كان أبو بكر الخلال وصاحبه لا يثبتان بما تفرد به حنبل عن أحمد رواية». اهـ
ومن أخطائه ما نسبه إلى أحمد، وهو غير معروف عنه من مذهبه: من تأويل قوله تعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ) الفجر، آية: ٢٢، قال: وجاء أمر ربك، وهذا خلاف مذهب السلف.
ونسب أيضًا للإمام أحمد أن الإمام يتحمل عن المأموم تكبيرة الإحرام في حال السهو، قال ابن رجب: وهذه رواية غريبة عن أحمد، لم يذكرها الأصحاب، والمذهب عندهم أنها لا تجزئه، كما لا تجزئ عن الإمام والمنفرد، وقد نقله غير واحد عن أحمد. والله أعلم. وانظر زاد المعاد (٥/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>