فرواه الطفاوي والسهمي ووكيع عن سوار بن داود بلفظ: (وإذا أنكح أحدكم عبده فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته). والمقصود بعبده: أي أمته، فإن العبد لا يصح للسيد أن ينظر إلى عورته مطلقًا تزوج أو لم يتزوج. وخالفهم النضر بن شميل، فقد رواه الدارقطني في السنن (١/ ٢٣٠) ومن طريقه البيهقي في السنن (٢/ ٢٢٩) عنه، عن سوار به، بلفظ: (إذا زوج أحدكم عبده: أمته أو أجيره، فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة). وتابعه الليث بن أبي سليم كما في سنن البيهقي (٢/ ٢٢٩) من طريق الخليل بن مرة، عن الليث، عن عمرو بن شعيب به، وهذا إسناد ضعيف لضعف الليث بن أبي سليم. فصار النهي في هذا الحديث متوجهًا إلى الأمة، فلا يجوز أن تنظر إلى عورة سيدها إذا زوجها. ولا شك أن هذا اختلاف مؤثر في الحديث، فإما أن نقول بالاضطراب، وإما أن نقول بالترجيح. والترجيح أصح؛ لأن الذهاب إلى الاضطراب لا يصار إليه إلا مع تساوي الطرق، والله أعلم، وأرى أن الأصح رواية من قال: إن النهي للسيد، وليس للأمة لأمرين: الأول: أنه رواية الأكثر، وكيع، والطفاوي، والسهمي، فإذا قارنت هؤلاء برواية النضر والليث ابن أبي سليم، كانت كفة الترجيح للأولى. الثاني: أنه قد رواه أبو داود (٤١١٣) ومن طريقه البيهقي في السنن (٢/ ٢٢٦) من طريق الوليد ابن مسلم، حدثنا الأوزاعي عن عمرو بن شعيب به، بلفظ: إذا زوج أحدكم عبده أمته، أو أجيره، فلا ينظرن إلى عورتها. وهذا وإن كان قد أجمل العورة إلا أنه صريح في أن النهي متوجه إلى السيد، وهذا الإسناد وإن كان فيه الوليد بن مسلم، وقد صرح بالتحديث من الأوزاعي، وهو متهم بتدليس التسوية إلا أنه صالح في النظر إلى متن الحديث في المتابعات. لكن مع ترجيح أن النهي متوجهًا للسيد فإن المتن منكر إن لم يكن باطلًا وهو التفرد في التفريق بين عورة الأمة والحرة، وكونها أمة أو حرة لا يمكن أن يعود ذلك بالتفريق بين كشف الساق والصدر والظهر، والشريعة جاءت بحماية المجتمع من إثارة الشهوات، فلا فرق بين الأمة والحرة في مثل هذا، وكون هذا التفريق يتفرد به سوار بن داود، ولا يعلم له اشتغال بالحديث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده لا يقبل على قواعد المحدثين. ولست أنكر أن إسناد عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده إسناد حسن بشرط أن يصح الإسناد إليه، وألا يتفرد بأصلٍ لولاه لم يثبت حكم هذا الأصل، والله أعلم. قال العقيلي (٢/ ١٦٧): «وأما حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فليس يروى من وجه يثبت». =