للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الحنفية فقد سبق أنهم يرون النية سنة، فلا يضر تعليقها (١).

واختلفوا فيما لو توضأ بنية إن كان محدثًا فالنية رفع الحدث، وإلا فهو تجديد:

فقيل: لا يصح الوضوء بهذه النية، وهذا مذهب المالكية؛ لعدم الجزم بالنية.

جاء في حاشية الدسوقي: «فالواجب عليه إذا توضأ أن يتوضأ بنية جازمة، فإن توضأ بنية غير جازمة -بأن علقها بالحدث المحتمل- كان هذا الوضوء باطلًا» (٢).

-وجه القول بالبطلان:

أن هذا الإنسان إما أن يكون متطهرًا أو محدثًا، فإن كان متطهرًا فلا اعتبار به، إذ لم ينو التجديد، بل نوى رفع الحدث وليس عليه، وإن كان محدثًا فلا يصح، لعدم جزم نيته.

وقيل: يصح الوضوء، وهو مذهب الشافعية.

جاء في المجموع: «قال البغوي: لو توضأ ونوى إن كان محدثا فهو عن فرض طهارته، وإلا فهو تجديد، صح وضوءه عن الفرض، حتى لو زال شكه وتيقن الحدث لا يجب عليه إعادة الوضوء» (٣).

وقالوا: يغتفر التعليق هنا، كالمسافر إذا نوى خلف من شك في نية القصر، فقال: إن قصر قصرت (٤).

قلت: لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فهذا غاية ما يمكن أن يفعله، وهو أن يقول: إن كنت محدثًا فهذا الوضوء عنه، فإن كان على طهارة لم يضره هذا الوضوء، وإن كان محدثًا فقد نواه معلقًا، والتعليق يغتفر، وقد رجح المحققون من العلماء صحة التعليق في مسألة مشابهة، كما لو قال رجل: إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم، فتصح نيته


(١) انظر العزو إليهم في مسألة «حكم النية» وقد مر معنا في هذا الباب.
(٢) حاشية الدسوقي (١/ ٩٤)، وجاء في التاج والإكليل (١/ ٣٤٣):
(٣) المجموع (١/ ٣٧٤).
(٤) انظر المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>