للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الخامس: قال أبو حنيفة: إن الفرض أن يمسح الربع.
السادس: قال أيضًا في روايته الثالثة: لا يجزيه إلا أن يمسح الناصية بثلاث أصابع أو أربع.
السابع: يمسح الجميع؛ قاله مالك.
الثامن: إن ترك اليسير من غير قصد أجزأه؛ أملاه علي الفهري.
التاسع: قال محمد بن مسلمة: إن ترك الثلث أجزأه.
العاشر: قال أبو الفرج: إن مسح ثلثه أجزأه.
الحادي عشر: قال أشهب: إن مسح مقدمه أجزأه، فهذه أحد عشر قولًا.
ومنزلة الرأس في الأحكام منزلته في الأبدان، وهو عظيم الخطر فيهما جميعًا؛ ولكل قول من هذه الأقوال مطلع من القرآن والسنة:
فمطلع الأول: أن الرأس وإن كان عبارة عن العضو فإنه ينطلق على الشعر بلفظه، قال الله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البقرة: ١٩٦]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احلق رأسك»، والحلق إنما هو في الشعر، إذا ثبت هذا تركب عليه: المطلع الثاني:
المطلع الثاني: وهو أن إضافة الفعل إلى الرأس ينقسم في العرف والإطلاق إلى قسمين: أحدهما: أنه يقتضي استيفاء الاسم.
والثاني: يقتضي بعضه؛ فإذا قلت: «حلقت رأسي» اقتضى في الإطلاق العرفي الجميع. وإذا قلت: مسحت الجدار أو رأس اليتيم أو رأسي اقتضى البعض، فيتركب عليه: المطلع الثالث: وهو أن البعض لا حد له مجزئ منه ما كان، قال لنا الشاشي: لما قال الله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ)، وكان معناه شعر رءوسكم، وكان أقل الجمع ثلاثًا قلنا: إن حلق ثلاث شعرات أجزأه، وإن مسحها أجزأه، والمسح أظهر، وما يقع عليه الاسم أقله شعرة واحدة.
المطلع الرابع: نظر أبو حنيفة إلى أن الوضوء إنما شرعه الله سبحانه فيما يبدو من الأعضاء في الغالب، والذي يبدو من الرأس تحت العمامة الناصية، ولا سيما وهذا يعتضد بالحديث الصحيح (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح ناصيته وعمامته).
المطلع الخامس: أنه إذا ثبت مسح الناصية فلا يتيقن موضعها؛ وإنما المقصود تعلق العبادة بالرأس؛ فقد ثبت مسح النبي صلى الله عليه وسلم الناصية، وهي نحو الربع، فيتقدر الربع منه أين كان، ومطلع الربع بتقدير الأصابع يأتي إن شاء الله تعالى.
ومطلع الجميع -يعني مسح جميع الرأس- أن الله سبحانه وتعالى علق عبادة المسح بالرأس، كما علق عبادة الغسل بالوجه؛ فوجب الإيعاب فيهما بمطلق اللفظ. وقول الشافعي: إن مطلق القول في المسح لا يقتضي الإيعاب عرفًا، فما علق به ليس بصحيح؛ إنما هو مبني على الأغراض، وبحسب الأحوال، تقول: مسحت الجدار، فيقتضي بعضه من أجل أن الجدار لا يمكن تعميمه =

<<  <  ج: ص:  >  >>