للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- وعنه. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ) أَخْرَجَهُ مُسْلم.

ج- وَعَنْه. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا اِسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي اَلْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

وجهُ الدَّلالة: أنَّه قد ورد النَّهيُ عن الاغتسالِ في هذه المياهِ، مع عدم نجاسَتِها، فدلَّ ذلك على وجودِ نَوعٍ مِنَ الماءِ ليس بنَجِسٍ، ولا يمكِنُ التطهُّرُ به، وهو الطَّاهِرُ.

د- وقالوا: إن هذا التقسيم معروف بالاستقراء، فإنه لا يخلو الماء: إما أن يجوز الوضوء به أو لا؟ فإن جاز فهو الطهور، وإن لم يجز فلا يخلو إما أن يجوز شربه أو لا؟ فإن جاز فهو الطاهر وإلا فهو النجس.

وذهب بعض العلماء: إلى أن الماء ينقسم إلى قسمين: طهور، ونجس.

وهذا قول أبي حنيفة، واختار هذا القول ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، والسعدي، وابن عثيمين.

أ-لقولُه تعالى (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً)، ولقوله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ).

وجهُ الدَّلالةِ مِنَ الآيتينِ: أنَّ اسمَ الماءِ مُطلقٌ في الكتابِ والسُّنةِ، ولم يرِدْ فيهما تقسيمُه إلى: طَهورٍ وطاهرٍ، فهذا التَّقسيمُ مخالفٌ للكتابِ والسُّنةِ، ولا أصلَ له في الشَّريعةِ؛ إذ لو كان القِسمُ الطَّاهِرُ ثابتًا بالشَّرع، لكان أمرًا معلومًا مفهومًا، تأتي به الأحاديثُ البيِّنةُ الواضِحةُ؛ لأنَّ الحاجةَ تدعو إلى بيانِه، وليس بالأمرِ الهيِّنِ؛ إذ يترتَّبُ عليه: إمَّا أن يتطهَّرَ بماءٍ أو يتيمَّم

ب- ولحديث أبي سعيد. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) رواه أبو داود.

فهذا الحديث يحكم للماء بالطهورية، وأن الماء طهور، وهذا العموم خص منه بالإجماع: إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت لونه أو طعمه أو ريحه فإنه نجس بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>