للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ونوم).

أي: ويسن للإنسان إذا كان جنباً وأراد أن ينام أن يتوضأ.

أ-لحديث ابن عمر: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ). متفق عليه.

ب- عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ (سَأَلْتُ عَائِشَةَ أَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَرْقُدُ وَهْوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ).

فالحديث دليل على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام.

وهذا مذهب أكثر العلماء.

وهو ثابت بالسنة القولية والفعلية.

القولية: الحديث السابق (أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ فليرقد).

والفعلية: كما في حديث عائشة (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام). رواه مسلم

• والصارف عن الوجوب:

أنه جاء في رواية عند ابن حبان (يتوضأ إن شاء).

وحديث عائشة (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء). رواه أبو داود [ولكن مختلف في صحته، والأقرب أنه ضعيف].

قال في الفتح: ونقل الطحاوي عن أبي يوسف أنه ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة (أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يُجنب، ثم ينام ولا يمس ماء) رواه أبو داود.

وتُعُقّب بأن الحفاظ قالوا: بأن أبا إسحاق غلط فيه، وبأنه لو صح حمِل على أنه ترك الوضوء لبيان الجواز، لئلا يعتقد وجوبه.

أو أن معنى قوله (لا يمس ماء) أي: للغسل.

قال النووي: وَأَمَّا حَدِيث أَبِي إِسْحَاق السُّبَيْعِيّ عَنْ الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَنَام وَهُوَ جُنُب وَلَا يَمَسّ مَاء، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَغَيْرهمْ، فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَنْ يَزِيد بْن هَارُون وَهَمَ أَبُو إِسْحَاق فِي هَذَا، يَعْنِي فِي قَوْله: لَا يَمَسّ مَاء. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا غَلَط مِنْ أَبِي إِسْحَاق. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: طَعَنَ الْحُفَّاظ فِي هَذِهِ اللَّفْظَة، فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ ضَعْفُ الْحَدِيث، وَإِذَا ثَبَتَ ضَعْفُهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَا يَتَعَرَّض بِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ أَيْضًا مُخَالِفًا، بَلْ كَانَ لَهُ جَوَابَانِ: أَحَدهمَا جَوَاب الْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ أَبِي الْعَبَّاس بْن شُرَيْحٍ وَأَبِي بَكْر الْبَيْهَقِيِّ: أَنَّ الْمُرَاد لَا يَمَسّ مَاء لِلْغُسْلِ. وَالثَّانِي وَهُوَ عِنْدِي حَسَنٌ: أَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ فِي بَعْض الْأَوْقَات لَا يَمَسّ مَاء أَصْلًا، لِبَيَانِ الْجَوَاز. إِذْ لَوْ وَاظَبَ عَلَيْهِ لَتَوَهَّمَ وُجُوبه. وَاللَّهُ أَعْلَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>