فائدة: ٢
هل للإمام أن ينفل أكثر من الثلث؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: لَا يَجُوزُ أَنْ يُنَفِّلَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ،
قال ابن قدامة: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
لأن نَفْلَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- انْتَهَى إلَى الثُّلُثِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهُ.
القول الثاني: لَا حَدَّ لِلنَّفْلِ، بَلْ هُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ.
وهو قول الشافعي.
لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَفَلَ مَرَّةً الثُّلُثَ، وَأُخْرَى الرُّبُعَ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: نَفَلَ نِصْفَ السُّدُسِ.
فَهَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّفْلِ حَدٌّ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْإِمَامُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْكُولًا إلَى اجْتِهَادِهِ.
قال الصنعاني: وقال آخرون للإمام أن ينفل السرية جميع ما غنمت لقوله تعالى (قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ففوضها إليه -صلى الله عليه وسلم- والحديث لا دليل فيه على أنه لا ينفل أكثر من الثلث.
فائدة: ٣
صفة التنفيل: أنَّ السرية التي تنهض في جملة العسكر، إذا أوقعت بالعدو، فما غنموا في البداءة، كان لهم فيه الربع، وما غنموا في القفول، كان لهم فيه الثلث، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة الأرباع، أو في الثلثين.
(وَلَا يَجُوزُ الغَزوُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ).
أي: لا يجوز الغزو إلا بإذن من الإمام، لأنه هو المخاطب بالغزو، لعلمه بكثرة العدو وقلته، ومكامنه وكيده.
قال ابن قدامة: وَأَمْرُ الْجِهَادِ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ.