قال ابن كثير: والغرض أن ناشئة الليل هي ساعاته وأوقاته، وكل ساعة منه تسمى ناشئة، والمقصود أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة ولهذا قال تعالى:(هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً) أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار، لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش " انتهى.
وقال القرطبي: فالمعنى: أشد موافقة بين القلب والبصر والسمع واللسان، لانقطاع الأصوات والحركات " انتهى.
وقال السعدي:(إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً) أي أقرب إلى حصول مقصود القرآن، يتواطأ عليه القلب واللسان، وتقل الشواغل، ويفهم ما يقول، ويستقيم له أمره.
وهذا بخلاف النهار، فإنه لا يحصل به هذه المقاصد، ولهذا قال:(إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا) أي: تردداً في حوائجك ومعاشك يوجب اشتغال القلب وعدم تفرغه التفرغ التام " انتهى.
وقال ابن القيم: وأما التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار في الجهر والإسرار ففي غاية المناسبة والحكمة; فإن الليل مظنة هدوء الأصوات وسكون الحركات وفراغ القلوب واجتماع الهمم المشتتة بالنهار، فالنهار محل السبح الطويل بالقلب والبدن، والليل محل مواطأة القلب للسان، ومواطأة اللسان للأذن; ولهذا كانت السنة تطويل قراءة الفجر على سائر الصلوات.