للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في الهدنة]

الهدنة: مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدة معينة بعوض أو غيره.

(وتجوز مهادنةُ الكفار، إذا رأى الإمامُ المصلحةَ فيها).

أي: أنه تجوز الهدنة مع الكفار إذا كان فيها مصلحة للمسلمين.

عَنْ اَلْمِسْوَرِ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَمَرْوَانُ (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَامَ اَلْحُدَيْبِيَةِ. … فَذَكِّرْ اَلْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: " هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِوٍ: عَلَى وَضْعِ اَلْحَرْبِ عَشْرِ سِنِينَ، يَأْمَنُ فِيهَا اَلنَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.

وَأَصْلِهِ فِي اَلْبُخَارِي.

وَأَخْرُجَ مُسْلِمٍ بَعْضِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِيه (أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدْهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا. فَقَالُوا: أَنَكْتُبُ هَذَا يَا رَسُولُ اَللَّهُ? قَالَ: "نَعَمْ. إِنَّهُ مِنْ ذَهَبٍ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اَللَّهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ، فَسَيَجْعَلُ اَللَّهُ لَهُ فَرَجاً وَمُخْرِجاً).

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ (لَمَّا أُحْصِرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ الْبَيْتِ صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا وَلَا يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ السَّيْفِ وَقِرَابِهِ. وَلَا يَخْرُجَ بِأَحَدٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا يَمْنَعَ أَحَدًا يَمْكُثُ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ).

قال النووي: وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث: دَلِيل لِجَوَازِ مُصَالَحَة الْكُفَّار إِذَا كَانَ فِيهَا مَصْلَحَة، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ عِنْد الْحَاجَة،

وقال ابن قدامة: وَمَعْنَى الْهُدْنَةِ، أَنْ يَعْقِدَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ عَقْدًا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً، بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ.

وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً وَمُعَاهَدَةً، وَذَلِكَ جَائِزٌ.

بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ).

وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا).

وَرَوَى مَرْوَانُ، وَمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَالَحَ، سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو بِالْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ).

وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، فَيُهَادِنُهُمْ حَتَّى يَقْوَى الْمُسْلِمُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>