للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ وَعَدَدِ الشُّهُودِ

(لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَمُودَيِ النَّسَبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ).

أي: فلا تقبل شهادة الوالد لولده وإن نزل، وشهادة الولد لوالده وإن نزل.

العلة: للتهمة بقوة القرابة.

عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا ظَنِينٍ فِي قَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ).

وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالْأَبُ يُتَّهَمُ لِوَلَدِهِ.

قال ابن تيمية: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْوَالِدِ وَشَهَادَةَ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ لَا تُقْبَل.

وقال الشوكاني: اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَالْعَكْسُ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَعَلَّلُوا بِالتُّهْمَةِ فَكَانَ كَالْقَانِعِ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَشُرَيْحٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْعِتْرَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ: إنَّهَا تُقْبَلُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: (ذَوَيْ عَدْلٍ)، وَهَكَذَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَلْآخَرِ لِتِلْكَ الْعِلَّةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقَرَابَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ مَظِنَّةٌ لَلتُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِمَا الْمُحَابَاة. (نيل الأوطار).

(وَلَا شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ).

لوجود الصلة بينهم، وهي مظنة النهمة.

جاء في (الموسوعة الفقهية) وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْثِيرِ تُهْمَةِ الْمَحَبَّةِ وَالإْيثَارِ فِي شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى رَدِّ شَهَادَةِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ.

وَقَالُوا: لأِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرِثُ الآْخَرَ مِنْ غَيْرِ حَجْبٍ وَتَتَبَسَّطُ الزَّوْجَةُ فِي مَال الزَّوْجِ، وَتَزِيدُ نَفَقَتُهَا بِغِنَاهُ فَلَمْ تُقْبَل شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلآْخَرِ بِتُهْمَةِ جَرِّ النَّفْع.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُقْبَل شَهَادَةُ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ؛ لأِنَّ الأْمْلَاكَ بَيْنَهُمَا مُتَمَيِّزَةٌ وَيَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِ لِثُبُوتِهِ ضِمْنًا فَلَا تُهْمَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>