للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(اللهم اهدني) أي: دلني على الحق ووفقني لسلوكه.

(فيمن هديت) هذا من باب التوسل بنعم الله على من هداه أن ينعم علي أنا أيضاً بالهداية.

(وعافني فيمن عافيت) أي: من الأمراض القلبية والجسدية.

(وتولني) أي: كن ولياً لنا، والمراد أريد الولاية الخاصة التي مقتضاها التأييد والنصر.

(وبارك لي) البركة هي الخير الكثير.

(فيما أعطيت) أي: من المال والولد والعلم وكل شيء

(وقني شر ما قضيت) الله يقضي بالخير والشر، ففي الشر اللهم قني شر الذي قضيته، والله يقضي بالشر لحكمة بالغة حميدة.

(إنك تقضي) أي: إن الله يقضي على كل أحد، لأن له الحكم التام الشامل.

(ولا يقضى عليك) فلا يقضي عليه أحد.

(إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت) هذا كالتعليل لما سبق من قولنا {وتولنا فيمن توليت} فإذا تولى الله سبحانه الإنسان فإنه لا يذل، وإذا عادى الله الإنسان فإنه لا يعز.

(ويمسح وجهه بيديه).

أي: يسن بعد رفع يديه في الدعاء أن يمسح وجهه بهما.

لورود بعض الأحاديث.

أ- عَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- قال (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي اَلدُّعَاءِ، لَمْ يَرُدَّهُمَا، حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ) أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.

ب- وعن ابْن عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا تَسْتُرُوا الْجُدُرَ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ، سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا، فَإِذَا فَرَغْتُمْ، فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُم) رواه أبو داود.

وهذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة لكن يقوي بعضها بعضاً.

وقد صحح بعض أئمة العلم في الحديث بعضها، وبعضهم حسنها، مثل الحافظ ابن حجر والسيوطي والأمير الصنعاني وغيرهم.

وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا يشرع مسح الوجه باليدين بعد الدعاء.

وهذا القول هو الصحيح.

لعدم وروده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أنه -صلى الله عليه وسلم- رفع يديه في مواضع كثيرة ولم ينقل أنه مسح وجهه بعد الدعاء.

قال ابن تيمية: وأما رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه في الدعاء: فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة، وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان، لا تقوم بهما حُجة.

وقال العز بن عبد السلام: ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل. (فتاوى العز بن عبد السلام).

وقال النَّوويُّ في "المجموع: … لا يَمسَحُ؛ وهذا هو الصَّحيحُ صحَّحه البيهقيُّ والرافعيُّ وآخَرون من المحقِّقين … والحاصِلُ لأصحابِنَا ثلاثةُ أوْجُه: (الصحيح) يُسْتَحَبُّ رَفْعُ يديْهِ دونَ مَسْحِ الوَجْه.

وقال الشيخ محمد بن عثيمين: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء الأقرب أنه غير مشروع؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة حتى قال شيخ الإسلام رحمه الله: إنها لا تقوم بها الحجة، وإذا لم نتأكد أو يغلب على ظننا أن هذا الشيء مشروع فإن الأولى تركه؛ لأن الشرع لا يثبت بمجرد الظن إلا إذا كان الظن غالباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>