الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَبِيعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ، فَيَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ.
لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ تَلَفِ الثَّمَرَةِ، وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ عَلَيْهَا قَبْلَ أَخْذِهَا؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَى أَنَسٌ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَزْهُوَ. قَالَ: أَرَأَيْت إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا يُقْطَعُ، فَصَحَّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَبِيعَهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعًا وَلَا تَبْقِيَةً، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ.
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.
ثم قال مرجحاً رأي الجمهور:
وَلَنَا: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَطْلَقَ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) فَيَدْخُلُ فِيهِ مَحَلُّ النزاع.
فائدة: ١
متى يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها؟
أولاً: إذا بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع في الحال.
قال ابن قدامة: أن يبيعها بشرط القطع في الحال، فيصح بالإجماع … كما تقدم.
ثانياً: إذا بيعت الثمرة مع أصلها، أو بيع الزرع مع الأرض، فلا يشترط بدو الصلاح في الثمر والزرع.
قال ابن قدامة رحمه الله: أَنْ يَبِيعَهَا مَعَ الْأَصْلِ، فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ.
لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ).
وَلِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ حَصَلَتْ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ، فَلَمْ يَضُرَّ احْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيهَا، كَمَا احْتَمَلَتْ الْجَهَالَةُ فِي بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ مَعَ بَيْعِ الشَّاةِ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ مَعَ التَّمْرِ، وَأَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ فِي بَيْعِ الدَّارِ. (المغني).