للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وكذا المزارعة بجزء من الزرع معلوم).

تقدم أن المزارعة مأخوذة من الزرع.

وتعريفها: دفع أرض لمن يزرعها بجزء معلوم مما يخرج منها.

مثالها: إنسان عنده أرض بيضاء وليس فيها زرع، فأعطاها فلاحاً يزرعها وله نصف الزرع - مثلاً - فهذا يجوز.

فقوله (بجزء) هذا شرط خرج به ما لو دفع الأرض لمن يزرعها مجاناً، فهذه لا تسمى مزارعة؛ لأن الزرع كله للعامل.

مثال ذلك: رجل عنده أرض، وله صديق عاطل، فقال له: يا فلان خذ أرضي، وازرعها واسترزق الله بها، بدون أي سهم لصاحب الأرض، فهذه لا تسمى مزارعة، وإنما هي منحة منحها صاحب الأرض لمن يعمل فيها فلا تصح مزارعة؛ لأن المزارعة نوع من المشاركة، لكنها تبرع.

وقوله (من الزرع) أي: مما يخرج من الأرض، فإن أعطاه إياها بجزء أو بشيء معلوم مما لا يخرج من الأرض، فليست مزارعة بل هي إجارة، مثل أن يقول: خذ هذه الأرض ازرعها بمائة صاع من البر فهذا يصح، لكن يكون إجارة.

لأنني لم أقل: بمائة صاع مما يخرج منها، بل مائة صاع من البر، فالعوض الآن ثابت في الذمة، ليس ناتجاً من عمل هذا المزارع، بل هو ثابت في الذمة حتى وإن لم يزرعها يلزمه مائة صاع.

وقوله (معلوم) خرج به المجهول، فلو قال: خذ هذه الأرض مزارعة ببعض الزرع، فهذا لا يجوز؛ لأن البعض مجهول، فلا بد أن يُحَدِّد.

وأيضاً لا بد أن يكون معلومَ النسبة يعني أن علمه نسبي، وليس بالتعيين، فالنسبة أن يقول: ربع، ثلث، عُشر، وما أشبه ذلك، احترازاً من المعلوم بالتعيين، والمعلوم بالتعيين لا تصح معه المزارعة، مثل أن يقول: لك الجانب الشرقي من الأرض، ولي الجانب الغربي، فهذا لا يجوز؛ لأنه قد يسلم هذا ويهلك هذا أو بالعكس. (الشرح الممتع).

<<  <  ج: ص:  >  >>