للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ، فَالتَّنْصِيصُ عَلَى أَحَدِهِمَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ) ثَبَتَ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْأَمَةِ، ثُمَّ إنَّ الْمَنْطُوقَ أَوْلَى مِنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (المغني).

وقال النووي: وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْعَبْد وَالْأَمَة لَا يُرْجَمَانِ، سَوَاء كَانَا مُزَوَّجَيْنِ أَمْ لَا، لِقَوْله -صلى الله عليه وسلم- (فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدّ)

وَلَمْ يُفَرِّق بَيْن مُزَوَّجَة وَغَيْرهَا.

وقال الشنقيطي: أَمَّا إِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَإِنَّهَا تُجْلَدُ نِصْفَ الْمِائَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ

فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا: الْحَرَائِرُ وَالْعَذَابُ الْجَلْدُ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُرَّةِ الزَّانِيَةِ: مِائَةُ جَلْدَةٍ وَالْأَمَةُ عَلَيْهَا نِصْفُهُ بِنَصِّ آيَةِ «النِّسَاءِ» هَذِهِ، وَهُوَ خَمْسُونَ; فَآيَةُ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي، بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّانِيَةِ الْأُنْثَى.

وَعُمُومُ الزَّانِي فِي آيَةِ «النُّورِ» هَذِهِ، مُخَصَّصٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَيْضًا مَرَّةً أُخْرَى، بِكَوْنِ جَلْدِ الْمِائَةِ خَاصًّا بِالزَّانِي الْحُرِّ، أَمَّا الزَّانِي الذَّكَرُ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ نِصْفَ الْمِائَةِ، وَهُوَ الْخَمْسُونَ.

وَوَجْهُ هَذَا التَّخْصِيصِ: إِلْحَاقُ الْعَبْدِ بِالْأَمَةِ فِي تَشْطِيرِ حَدِّ الزِّنَى بِالرِّقِّ; لِأَنَّ مَنَاطَ التَّشْطِيرِ الرِّقُّ بِلَا شَكٍّ; لِأَنَّ الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُدُودِ وَصْفَانِ طَرْدِيَّانِ، لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا حُكْمٌ، فَدَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ «النِّسَاءِ» فِي الْإِمَاءِ: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ، أَنَّ الرِّقَّ مَنَاطُ تَشْطِيرِ حَدِّ الزِّنَى، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الْحُدُود.

<<  <  ج: ص:  >  >>