للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن هذا الحديث دل على حصر القتل في هذه الأمور الثلاثة، وشر الخمر في المرة الرابعة ليس منها، بل قد يكون هذا الحديث ناسخاً لقتل الشارب في الرابعة.

وأجاب هؤلاء عن حديث مُعَاوِيَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ (إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَالْأَرْبَعَةُ.

[بأجوبة؟]

أولاً: أنه منسوخ.

قال النووي: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَل بِشُرْبِهَا، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ هَكَذَا حَكَى الْإِجْمَاع فِيهِ التِّرْمِذِيّ وَخَلَائِق، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - عَنْ طَائِفَة شَاذَّة أَنَّهُمْ قَالُوا: يُقْتَل بَعْد جَلْده أَرْبَع مَرَّات، لِلْحَدِيثِ الْوَارِد فِي ذَلِكَ، وَهَذَا الْقَوْل بَاطِل مُخَالِف لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَل وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع مَرَّات، وَهَذَا الْحَدِيث مَنْسُوخ، قَالَ جَمَاعَة: دَلَّ الْإِجْمَاع عَلَى نَسْخه، وَقَالَ بَعْضهمْ: نَسَخَهُ قَوْله -صلى الله عليه وسلم-: لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث: النَّفْس بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّب الزَّانِي، وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَة. (نووي).

قال الشافعي: القتل منسوخ بهذا الحديث وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمته.

قال ابن حجر عن حديث - عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ - قال: وفيه ما يدل على نسخ الأمر الوارد بقتل شارب الخمر إذا تكرر منه إلى الرابعة أو الخامسة، فقد ذكر ابن عبد البر أنه أتى به أكثر من خمسين مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>