قال الشوكاني: واعلم أن الأحاديث الصحيحة قد اشتمل بعضها على التصريح بإيقاع صلاة الجمعة وقت الزوال كحديث سلمة بن الأكوع في الصحيحين قال (كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس) وبعضها فيه التصريح بإيقاعها قبل الزوال كما في حديث جابر عند مسلم وغيره (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة ثم يذهبون إلي جمالهم فيريحونها حين تزول الشمس) وبعضها محتمل لإيقاع الصلاة قبل الزوال وحاله كما في حديث سهل بن سعد في الصحيحين قال (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة) وكما في حديث أنس عند البخاري وغيره قال (كنا نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الجمعة ثم نرجع إلى القائلة فنقيل) ومجموع هذه الأحاديث يدل على أن وقت صلاة الجمعة حال الزوال وقبله ولا موجب لتأويل بعضها.
(الثاني: حضورُ أربعينَ من أهلِ وُجوبِها).
أي: ومن شروط صحة الجمعة حضور هذا العدد من أهل وجوبها وهم (كل مسلم ذكر حر مكلف مستوطن ببناء).
وهذا المشهور من مذهب الحنابلة.
أ-لحديث جابر قال:(مضت السنة في كل أربعين فصاعداً جمعة) رواه الدارقطني والبيهقي. ولا يصح.
ب-ولما روي عن كعب بن مالك، وكان قائداً لأبيه بعد كف بصره، يقول (سمعت أبي حينما سمع النداء يوم الجمعة يترحم لأسعد بن زرارة، فقلت: لأسلنه عن ذلك، فسألته فقال: إنه أول من جمع بنا، قلت: كم كنتم يومئذٍ، قال: كنا نحو أربعين). رواه أبو داود وابن ماجه
قال الشوكاني: استدل به من قال إن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلاً، وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد في أحد الروايتين عنه، وبه قال عبيد الله بن عيينة، وعمر بن عبد العزيز، ووجه الاستدلال بالحديث: أن الأمة أجمعت على اشتراط العدد، والأصل الظهر، فلا تصح الجمعة إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح.