(فيتحلل بطوافٍ وسعيٍ، وينحر هدياً إن كان معه، وعليه القضاء).
هذا بيان ما يلزم من فاته الحج:
أي: يلزم من فاته الحج: أن يتحلل بطواف وسعي - وأن ينحر هدياً - وعليه القضاء.
الأمر الأول: أن يحول هذا الحج إلى عمرة، فيأتي إلى الكعبة ويطوف بالسعي ويقصر.
لأنه ليس بإمكانه إتمام الحج الآن، ولأن الحج عرفة.
لما رواه مالك في الموطأ أن أبا أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- (خَرَجَ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالنَّازِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ، وَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ، فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلًا، فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْي) وصحح إسناده النووي رحمه الله.
قال ابن قدامة: أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلَّاقٍ.
هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
ولأنه قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ مُخَالِفًا؛ فَكَانَ إجْمَاعًا.
الأمر الثاني: وجوب الهدي.
وهذا قول جماهير العلماء.
أ- لقول عمر لأبي أيوب رضي الله عنهما (فَإِذَا أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلًا، فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ).
ب- وروى مالك عن نافع عن سليمان بن يسار (أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ، كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، وَانْحَرُوا هَدْيًا، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا، وَارْجِعُوا، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ).
قال ابن قدامة: الهدي يلزم من فاته الحج في أصح الروايتين. وهو قول من سمينا من الصحابة، والفقهاء، إلا أصحاب الرأي، فإنهم قالوا: لا هدي عليه … ، ولنا، حديث عطاء، وإجماع الصحابة … " انتهى.