• الحكمة من هذا الأمر:
أولاً: هو تمييز الفريضة عن النافلة.
فعن نافع أن ابن عمر رأى رجلاً يصلي ركعتين في مقامه، فدفعه وقال: (أتصلي الجمعة أربعاً؟).
قال ابن تيمية: وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، وأيضاً فإن كثيراً من أهل البدع كالرافضة وغيرهم لا ينوون الجمعة بل ينوون الظهر، ويظهرون أنهم سلموا وما سلموا، فيصلون ظهراً، ويظن الظان أنهم يصلون السنة، فإذا فعل التمييز بين الفرض والنفل كان هذا منع لهذه البدعة.
ولهذا نظائر في الشريعة:
o كالنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين.
o والنهي عن صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين.
ثانياً: تكثير موضع العبادة.
وذكر هذه العلة الشوكاني، ونسبها للبخاري، والبغوي، لبعض العمومات القرآنية:
كقوله تعالى (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِين).
وقوله تعالى (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا).
وقد ورد أحاديث في ذلك لكنها لا تصح.
قال العلماء: أكمل التحول أن يصلي الإنسان النوافل في بيته.
قال النووي في شرحه الحديث: فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ أَصْحَابنَا أَنَّ النَّافِلَة الرَّاتِبَة وَغَيْرهَا يُسْتَحَبّ أَنْ يَتَحَوَّل لَهَا عَنْ مَوْضِع الْفَرِيضَة إِلَى مَوْضِع آخَر، وَأَفْضَله التَّحَوُّل إِلَى بَيْته، وَإِلَّا فَمَوْضِع آخَر مِنْ الْمَسْجِد أَوْ غَيْره:
لِيَكْثُر مَوَاضِع سُجُوده، وَلِتَنْفَصِل صُورَة النَّافِلَة عَنْ صُورَة الْفَرِيضَة.
وَقَوْله: (حَتَّى نَتَكَلَّم) دَلِيل عَلَى أَنَّ الْفَصْل بَيْنهمَا يَحْصُل بِالْكَلَامِ أَيْضًا، وَلَكِنْ بِالِانْتِقَالِ أَفْضَل لِمَا ذَكَرْنَاهُ. (شرح مسلم).
• وصل النافلة بالنافلة لا بأس، وهذا الظاهر من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل وغيره.
وذهب بعض العلماء إلى أنه يشرع الفصل حتى بين النوافل من أجل تكثير مواضع العبادة.