للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: لكن يستحب إن كان له موضع غيرها أن لا يتخطى، وإن لم يكن موضع، وكانت قريبة بحيث لا يتخطى أكثر من رجلين ونحوهما دخلها، وإن كانت بعيدة ورجا أنهم يتقدمون إليها إذا أقيمت الصلاة يستحب أن يقعد موضعه ولا يتخطى، وإلا فليتخط … ثم ذكر عن قتادة أنه قال: يتخطاهم إلى مجلسه، وعن أبي نصر جواز ذلك بإذنهم، قال ابن المنذر: لا يجوز شيء من ذلك عندي. لأن الأذى يحرم قليله وكثيره.

وقال ابن حجر: وقد استثني من كراهة التخطي ما إذا كان في الصفوف الأول فرجة فأراد الداخل سدها فيغتفر له لتقصيرهم.

(وحَرُمَ أن يقيمَ غيرَهُ فيجلسَ مكانَه).

أي: يحرم أن يقيم غيره من المكان الذي كان جالساً فيه ليجلس هو فيه.

أ- لحديث ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَقْعَدِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا) متفق عليه.

ب- وعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَال (لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لْيُخَالِفْ إِلَى مَقْعَدِهِ فَيَقْعُدَ فِيهِ وَلَكِنْ يَقُولُ افْسَحُوا) رواه مسلم.

ج- وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ بَيْتُ اللَّهِ، وَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) فَمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَكَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، وَمَشَارِعِ الْمِيَاهِ وَالْمَعَادن. (المغني)

قال النووي: في قوله (لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَقْعَدِهِ … ) هَذَا النَّهْي لِلتَّحْرِيمِ، فَمَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِع مُبَاح فِي الْمَسْجِد وَغَيْره يَوْم الْجُمُعَة أَوْ غَيْره لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرهَا فَهُوَ أَحَقّ بِهِ، وَيَحْرُم عَلَى غَيْره إِقَامَته لِهَذَا الْحَدِيث، إِلَّا أَنَّ أَصْحَابنَا اِسْتَثْنَوْا مِنْهُ مَا إِذَا أَلِف مِنْ الْمَسْجِد مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ، أَوْ يَقْرَأ قُرْآنًا أَوْ غَيْره مِنْ الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة، فَهُوَ أَحَقّ بِهِ، وَإِذَا حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْعُد فِيهِ. وَفِي مَعْنَاهُ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِع مِنْ الشَّوَارِع وَمَقَاعِد الْأَسْوَاق لِمُعَامَلَةِ. (شرح مسلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>