للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ومن أدرك الركوع غير شاكً أدرك الركعة).

أي: أن الركعة تدرك بالركوع.

وهذا قول جماهير العلماء.

قال ابن جب: من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة، وإن فاته معه القيام وقراءة الفاتحة، وهذا قول جمهور العلماء، وقد حكاه إسحاق بن راهويه وغيره إجماعاً من العلماء.

أ- لحديث أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- (أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى اَلصَّفِّ، فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زَادَكَ اَللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِيهِ (فَرَكَعَ دُونَ اَلصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى إِلَى اَلصَّفِّ).

وجه الدلالة: أن أبا بكرة أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو راكع فركع دون الصف، ولم يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضائها، فدل على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة.

ب- ولحديث أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (إذا جئتم إلى الصلاة، ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك ركعةً فقد أدرك الصلاة" رواه أبو داود. وفي لفظ له (من أدرك الركوع أدرك الركعة).

وصحح الحديث الألباني وقال رحمه الله: ومما يقوي الحديث جريان عمل جماعة من الصحابة عليه:

أولاً: ابن مسعود، فقد قال: من لم يُدرك الإمام راكعاً لم يُدرك تلك الركعة … وسنده صحيح.

ثانياً: عبد الله بن عمر، فقد قال: إذا جئت والإمام راكع، فوضعت يديك على ركبتيك قبل أن يرفع فقد أدركت. وإسناده صحيح.

ثالثاً: زيد بن ثابت، كان يقول: من أدرك الركعة قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة ". وإسناده جيد.

قال ابن رجب: وأكثر العلماء على أنه لا يكون مدركا للركعة إلا إذا كبر وركع قبل أن يرفع إمامه، ولم يشترط أكثرهم أن يدرك الطمأنينة مع الإمام قبل رفعه، ولأصحابنا وجه باشتراط ذلك.

وقال صاحب عون المعبود: ذهب الْجُمْهُور مِنْ الْأَئِمَّة إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَام رَاكِعًا دَخَلَ مَعَهُ وَاعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَة، وَإِنْ لَمْ يُدْرِك شَيْئًا مِنْ الْقِرَاءَة، وَذَهَبَ جَمَاعَة إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَام رَاكِعًا لَمْ تُحْسَب لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَة وَهُوَ قَوْل أَبِي هُرَيْرَة وَحَكَاهُ الْبُخَارِيّ فِي الْقِرَاءَة خَلْف الْإِمَام عَنْ كُلّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوب الْقِرَاءَة خَلْف الْإِمَام وَاخْتَارَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَالضُّبَعِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّة وَقَوَّاهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين السُّبْكِيّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَجَّحَهُ الْمَقْبِلِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>