للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ).

لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ دَلَالَةً عَلَى الْإِكْرَاهِ، كَالْقَيْدِ وَالْحَبْسِ وَالتَّوْكِيلِ بِهِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ تَدُلُّ عَلَى الْإِكْرَاهِ.

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ حَالَ إقْرَارِهِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ حَتَّى يُعْلَمَ غَيْرُهَا. (المغني).

(وَمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ فَكَإِقْرَارِهِ فِي صِحَّتِهِ).

أي: أن الأصل في إقرار المريض معتبر صحيح كالإقرار حال الصحة، ولو كان المرض مخوفاً.

لأنه لا يتهم بذلك، بل إن حالة المرض أقرب إلى الاحتياط للنفس، والتخلص مما عليه من الحقوق.

فإذا أقر ببيع ثبت، وإذا أقر بديْن ثبت.

(إِلاَّ فِي إِقْرَارِهِ بِالْمَالِ لِوَارِثٍ فَلَا يُقْبَلُ).

هذا مما يستثنى: إذا أقرّ لوارثٍ بمالٍ فإنه لا يقبل إلا ببينة أو إجازة الورثة.

مثاله: شخص مريض مرضاً مخوفاً، فقال: اشهدوا بأن في ذمتي لولدي فلان عشرة آلاف ريال، وله عدة أولاد.

فإقراره هنا غير مقبول، إلا ببينة أو إجازة الورثة.

لأنه متهم، ولأننا لو أثبتنا هذا الإقرار لكان في ذلك تعدٍّ لحدود الله ـ عزّ وجل ـ في قسمة المواريث.

جاء في (حاشية الروض) قال القيم من الحيل الباطلة: إذا أراد أن يخص بعض ورثته، ببعض الميراث، وقد علم أن الوصية لا تجوز، وأن العطية في مرضه وصية، أن يقول: كنت وهبت له كذا، وكذا، في صحتي، أو يقر له بدين فيتقدم به، وهذا باطل، والإقرار في مرض الموت لا يصح، للتهمة عند الجمهور، بل مالك يرده للأجنبي، إذا ظهرت التهمة، وقوله هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>