قال الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - مبوِّباً على حديث ابن أم مكتوم:
باب أمر العميان بشهود صلاة الجماعة وإن كانت منازلهم نائية عن المسجد لا يطاوعهم قائدوهم بإتيانهم إياهم المساجد، والدليل على أن شهود الجماعة فريضة لا فضيلة إذ غير جائز أن يقال لا رخصة للمرء في ترك الفضيلة. " صحيح ابن خزيمة "(٢/ ٣٦٨)
وحمل قوله -صلى الله عليه وسلم- (أَجِب) على الاستحباب خلاف الأصل؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب.
والقول بالوجوب لمثل حال ابن أم مكتوم هو القول الصواب ما لم يكن الضرر متحققاً بيقين أو غلبة ظن، وهو القول الراجح، وهو قول أكابر أئمة الحديث.
قال ابن المنذر - رحمه الله -: ذكر إيجاب حضور الجماعة على العميان وإن بعُدت منازلهم عن المسجد، ويدل ذلك على أن شهود الجماعة فرض لا ندب. " الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف "(٤/ ١٣٢).
وقال - رحمه الله - أيضاً -: فدلَّت الأخبار التي ذكرناها على وجوب فرض الجماعة على مَن لا عذر له، فمما دل عليه قوله لابن أم مكتوم وهو ضرير (لا أجد لك رخصة) فإذا كان الأعمى كذلك لا رخصة له: فالبصير أولى بأن لا تكون له رخصة.
" الأوسط "(٤/ ١٣٤).
(على الرجال).
فلا تجب على النساء.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث (إلى رجال) فهذا دليل على أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال دون النساء، وهذا بالإجماع.
لكن اختلفوا في حكمها للمرأة:
فقيل: سنة.
وبه قال الشافعية، والحنابلة.
لحديث أم ورقة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول:(انطلقوا إلى الشهيدة فزوروها، وأمر أن يؤذن لها وتقام وتؤم أهل دارها في الفرائض) رواه أبو داود.
وقيل: مكروهة.
وهو قول الحنفية.
قالوا: لأن المرأة ليست من أهل الاجتماع، ولأن هذا غير معهود في أمهات المؤمنين.