وهو الظاهر من المذهب، والمالكية، والقول الثاني للشافعي، وهو الصحيح عند الشافعية، ورواية عن أحمد، وهو اختيار الخطابي.
أ- لحديث المجامع السابق.
ووجه الاستدلال: أنّ الأعرابي لما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعجزه عن أجناس الكفارة لم يبيِّن له سقوطها عنه، بل أمر له بما يكفر به من التمر، فدلَّ على ثبوتها في ذمته وإن عجز عنها.
قال ابن تيمية - عند ذكره لأدلة هذا القول -: ولأنّ الأعرابي لو سقطت الكفارة عنه لما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتكفير بعد أن أُتِيَ بالعَرَق، فإنه حين وجوب الكفارة كان عاجزاً.
وقال النووي: وأمّا الحديث فليس فيه نفي استقرار الكفارة، بل فيه دليل لاستقرارها؛ لأنه أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه عاجز عن الخصال الثلاث ثم أُتِيَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق التمر فأمره بإخراجه في الكفارة، فلو كانت تسقط بالعجز لم يكن عليه شيء ولم يأمره بإخراجه، فدلَّ على ثبوتها في ذمته، وإنما أذن له في إطعام عياله لأنه كان محتاجًا ومضطرًّا إلى الإنفاق على عياله في الحال، والكفارة على التراخي فأذن له في أكله وإطعام عياله، وبقيت الكفارة في ذمته.
ب- قياسًا على سائر الديون والحقوق والمؤاخذات.
وتُعُقب: بما قاله ابن قدامة: لا يصح القياس على سائر الكفارات؛ لأنه اطِّراح للنص بالقياس، والنص أولى.