ثم قال الطبري: وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية قول من قال: عنى بذلك المقتول من أهل العهد، لأن الله أبهم ذلك، فقال:(وإن كان من قوم بينكم وبينهم) ولم يقل: "وهو مؤمن" كما قال في القتيل من المؤمنين وأهل الحرب فكان في تركه وصفه بالإيمان الذي وصف به القتيلين الماضي ذكرهما قبل، الدليلُ الواضح على صحة ما قلنا في ذلك.
[فائدة: ٦]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا حصل الحادث فإما أن يكون بتفريط من قائد السيارة أو بتعدٍ منه، والتفريط ترك ما يجب مثل أن يدع الإنسان تفقد السيارة في حال يحتمل أن يكون فيها خلل، فيدع تفقدها ثم يحصل الحادث من جراء هذا التفريط: فيكون في ذلك ضامناً لأنه ترك ما يجب عليه، أو بتعدٍ منه والتعدي فعل ما لا يجوز، مثل أن يسير في خط معاكس للسير أو يقطع الإشارة، أو يسرع سرعةً تُمنَع في مثل هذا المكان، وما أشبه هذا، المهم أن القاعدة هو أنه إذا كان الإنسان الذي حصل منه الحادث متعدياً بفعل ما لا يجوز، أو مفرطاً بترك ما يجب، فإنه يجب عليه لهذا الحادث شيئان إذا تلفت منه نفس:
الشيء الأول: الكفارة وهي حق لله تعالى، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما يوماً واحداً إلا بعذر حسي أو شرعي.
والأمر الثاني مما يجب عليه: الدية، لكن الدية تتحملها عنه عاقلته، وهذه حق لأولياء المقتول، وهم ورثته؛ إن عفوا عنها سقطت. أما الكفارة فإنها حقٌ لله ولابد منها، حتى لو عفا أولياء المقتول عن الدية فإن الكفارة لا تسقط؛ لأن الكفارة حق لله والدية حق للآدميين، ولا يلزم من سقوط أحد الحقين سقوط الآخر، كما أن هذا لو كان لا يجد الرقبة، ولا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين، فإن الكفارة تسقط عنه وإن كانت الدية تجب لأولياء المقتول.