[فائدة: ٥]
الأمان: المراد به هنا العهد للمحارب بعدم الاعتداء على نفسه، وماله، وعرضه، ودينه.
فيؤمّن الكافر مدة محدودة حتى يبيع تجارته ويرجع، أو حتى يسمع كلام الله ويرجع.
فمن قال لحربي: قد أجرتكَ، أو أمّنتُكَ، أو بأس عليك، ونحو هذا، فقد أمّنَه.
جاء في الصحيحين من حَدِيثٍ أَمِ هَانِئٍ (قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يا أم هانئ) متفق عليه.
وفيهما أيضاً: عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ (ذِمَّةُ اَلْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بهَا أَدْنَاهُمْ)، زَادَ اِبْنُ مَاجَه مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ).
- فيصح الأمانُ من كلِ مسلمٍ، عاقلٍ، مختارٍ، حراً كان أو عبد، رجلاً أو امرأة.
فجماهير العلماء على صحة أمان المرأة والعبد.
قال ابن قدامة: أَنَّ الْأَمَانَ إذَا أُعْطِيَ أَهْلَ الْحَرْبِ، حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَمَالُهُمْ وَالتَّعَرُّضُ لَهُمْ.
وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا.
وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-.
أ- لمَا رُوِيَ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ).
ب- وَرَوَى فُضَيْلٍ بْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: جَهَّزَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَيْشًا، فَكُنْت فِيهِ، فَحَصَرْنَا مَوْضِعًا، فَرَأَيْنَا أَنَّا سَنَفْتَحُهَا الْيَوْمَ، وَجَعَلْنَا نُقْبِلُ وَنَرُوحُ، فَبَقِيَ عَبْدٌ مِنَّا، فَرَاطَنَهُمْ وَرَاطَنُوهُ، فَكَتَبَ لَهُمْ الْأَمَانَ فِي صَحِيفَةٍ، وَشَدَّهَا عَلَى سَهْمٍ، وَرَمَى بِهَا إلَيْهِمْ، فَأَخَذُوهَا، وَخَرَجُوا، فَكُتِبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ. رَوَاهُ سَعِيدٌ
ج- وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ، فَصَحَّ أَمَانُهُ، كَالْحُرِّ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ.