فائدة: ١
وقد اختلف العلماء: هل هذا الفضل يشمل جميع الحرام أم فقط خاص بمسجد الكعبة على قولين:
[القول الأول: أن المضاعفة خاصة بالمسجد الذي فيه الكعبة.]
وهذا مذهب المالكية، وإلى هذا ذهب جماعة من العلماء منهم النووي والمحب الطبري، وابن مفلح، وابن حجر الهيتمي واختاره ابن عثيمين رحمهم الله.
أ- لقوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ).
وجه الدلالة: أن الإسراء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان من مسجد الكعبة، كما يدل على ذلك حديث أنس قال (أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجد الكعبة) فدل ذلك على أن المراد بالمسجد الحرام في مضاعفة الصلاة، مسجد الكعبة.
ب- ولقوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام) والمقصود أن الاستقبال في هذه الآية للكعبة.
ج-ولحديث ميمونة. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواها من المساجد إلا مسجد الكعبة) رواه مسلم.
وجه الدلالة: قوله (إلا مسجد الكعبة) وهذا نص، حيث فسرت هذه الرواية، الروايات الأخرى التي فيها ذكر المسجد الحرام.
[القول الثاني: أن المضاعفة عامة في جميع الحرم.]
وهو مذهب الحنفية، والشافعية، وقول للحنابلة، واختاره ابن القيم والشيخ ابن باز.
أ- لقوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذا).
فهذه الآية تدل على أن المقصود بالمسجد الحرام هو الحرم كله وليس المسجد فقط، قال ابن حزم بلا خلاف.
ب-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- - عندما كان في صلح الحديبية - (أخرجه أحمد مطولاً ٤/ ٣٢٣) كان يصلي في الحرم مع أن إقامته في الحديبية بالحل وذكر الشافعي أن الحديبية بعضها في الحل وبعضها في الحرم.
وهذا من أصرح الأدلة على أن مضاعفة الصلاة تتعلق بجميع الحرم وليس مسجد الجماعة فقط.