ورجح هذا التفسير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: وأما الآية فأكثر المفسرين قالوا: المراد بالباغي الذي يبغي المحرم من الطعام مع قدرته على الحلال، والعادي الذي يتعدى القدر الذي يحتاج إليه، وهذا التفسير هو الصواب، وهو قول أكثر السلف. . . وليس في الشرع ما يدل على أن العاصي بسفره لا يأكل الميتة ولا يقصر، بل نصوص الكتاب والسنة عامة مطلقة.
ورجح هذا القول القرطبي والإمام ابن جرير.
خامساً: بيان حكم تناول الطعام المحرم في حال الضرورة.
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
[القول الأول: يجب على المضطر الأكل من الميتة ونحوها.]
وهذا قول الحنفية، والصحيح من مذهب المالكية، وأحد الوجهين في مذهب الحنابلة، وأصح الوجهين عند الشافعية.
لقوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ).
ولقوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
وترك الأكل مع إمكانه في هذه الحال؛ إلقاء بيده إلى التهلكة.
ولأنه قادر على إحياء نفسه بما أحل الله له فلزمه، كما لو كان معه طعام حلال.
[القول الثاني: أنه لا يلزمه في هذه الحال الأكل من المحرم.]
لأن له غرضاً في تركه وهو أن يتجنب ما حرم عليه، ولأن إباحة الأكل رخصة فلا تجب عليه كسائر الرخص.
والراجح القول الأول أنه يجب عليه أن يأكل في هذه الحال، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث قال:
قال ابن تيمية: ويجب على المضطر أن يأكل ويشرب ما يقيم به نفسه، فمن اضطر إلى الميتة أو الماء النجس فلم يشرب ولم يأكل حتى مات دخل النار.