(ولا يجوز لمن تلزمُه السفرُ في يومها بعد النداء).
أي: يحرم السفر يوم الجمعة بعد النداء لمن تلزمه الجمعة.
وهذا قد اتفق أهل العلم عليه في الجملة.
أ-لقول الله تعالى) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون).
ب- وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِمَا يَمْنَعُ مِنْهَا، كَاللَّهْوِ، وَالتِّجَارة.
(ويكره قبلَه).
أي: ويكره السفر يوم الجمعة بعد الفجر وقبل النداء.
وذهب بعض العلماء: إلى جوازه من غير كراهة.
وبهذا قال الحنفية، والمالكية.
أ- لما ورد عن عمر (أنه أبصر رجلاً عليه ثياب سفر بعد ما قضى الجمعة، فقال: ما شأنك؟ قال: أردت سفراً فكرهت أن أخرج حتى أصلي، فقال له عمر: إن الجمعة لا تمنعك السفر ما لم يحضر وقتها) أخرجه عبد الرزاق.
ب- وأخرج عبدالرزاق أيضاً بإسناد آخر والبيهقي عن عمر بن الخطاب (أنه أبصر رجلاً عليه أهبة السفر، فقال الرجل: إن اليوم يوم جمعة ولولا ذلك لخرجت، فقال عمر: إن الجمعة لا تحبس مسافراً، فاخرج ما لم يجن الرواح).
ج- ولأن الجمعة لم تجب عليه فلم يحرم السفر كما لو سافر بالليل.
وهذا القول هو الراجح.
لعدم الدليل على التحريم أو الكراهة، ولم يصح في المسألة حديث صحيح مرفوع، كما قال النووي.
وأما حديث (مَنْ سَافَرَ مِنْ دَارِ إقَامَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، لَا يُصْحَبُ فِي سَفَرِهِ، وَلَا يُعَانُ عَلَى حَاجَتِهِ) فهو حديث ضعيف.