(وهو من أفضلِ القُرَبِ).
أي: العتق من أعظم القرب التي يتقرب بها إلى الله، وهو من أفضل العبادات.
قال ابن قدامة: وَالْعِتْقُ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
أ-لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ، وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ وَالْأَيْمَانِ.
ب- وَجَعَلَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِكَاكًا لِمُعْتِقِهِ مِنْ النَّارِ.
ج- وَلِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيصًا لِلْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ وَمِلْكَ نَفْسِهِ وَمَنَافِعِهِ، وَتَكْمِيلَ أَحْكَامِهِ، وَتَمَكُّنَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ وَمَنَافِعِهِ، عَلَى حَسْبِ إرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ. (المغني).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَال (مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ) متفق عليه
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (وَأَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ اِمْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ، كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ).
وَلِأَبِي دَاوُدَ: مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ (وَأَيُّمَا اِمْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ اِمْرَأَةً مُسْلِمَةً، كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنْ اَلنَّارِ).
[أيما أمرى مسلم] هذا لفظ مسلم ولفظ البخاري (أيما رجل). [مسلم] يخرج الكافر، [مسلمة] هذا قيد في الرقبة المعتقة، فهذه الفضيلة لا تنال إلا بعتق الرقبة المسلمة. [(أعتق الله) وفي رواية: استنقذ الله منه] أي وقى وأنقذ وخلص. [بكل عضو منه] أي من المعتَق [عضواً منه] أي من المعتِق. [فكاكه] أي: خلاصه.
فالحديث دليل على فضل عتق الرقاب وتخليصها من الرق وأن ذلك من أجل الطاعات وأعظم القربات، لأنه من أسباب العتق من النار.
وعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّه) رواه أحمد.
وهذا الفضل - والله أعلم - لكون الرقيق قبل العتق كان في حكم المعدوم، إذ لا تصرف له في نفسه، بل هو يُتصرف فيه.