لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَتَلَ عَمْدًا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ؛ فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، ثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً، وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ.
وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ الْقَتْل) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَرَوَيْنَا أَنَّ هُدْبَةَ بْن خَشْرَمٍ قَتَلَ قَتِيلًا، فَبَذَلَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ لِابْنِ الْمَقْتُولِ سَبْعَ دِيَاتٍ، لِيَعْفُوَ عَنْهُ، فَأَبَى ذَلِكَ، وَقَتَلَهُ.
وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِ مَالٍ، فَجَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، كَالصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ، وَلِأَنَّهُ صُلْحٌ عَمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، فَأَشْبَهَ الصُّلْحَ عَنْ الْعُرُوضِ. … (المغني).
وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا تصح المصالحة عن الدية بأكثر منها، بل على الدية أو دونها.
وبه قال بعض الحنفية، ورجحه ابن القيم.
(وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِباً وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا، كَمَنْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ مَقْتلٍ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصَا صَغِيرَةٍ).
هذا شبه العمد.
قلنا (في غير مقتَل) لأن الضرب بمقتل ولو كان بشيء صغير حقير فإنه يعتبر قتل عمد كالقلب أو من النخاع.
وسمي بذلك: لتردده بين هذين النوعين (الخطأ والعمد).
فالفرق بين القتل العمد وشبه العمد: أنهما يشتركان في قصد الجناية، ويختلفان في الآلة التي حصلت الجناية بها.
(والخَطَأُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ، مِثْلُ أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْداً، أَوْ غَرَضاً، أَوْ شَخْصاً، فَيُصِيبَ آدميّاً لَمْ يَقْصِدْهُ).
أي: و قتل الخطأ: أن يفعل ما له فعله، مثل أن يرمي ما يظنه صيداً، أو يري غرضاً، أو يرمي شخصاً مباح الدم، كحربي، وزان محصن فيصيب آدمياً معصوماً لم يقصده بالقتل فيقتله.