القول الثاني: أنه لا يجب نقضه في غسل الحيض.
وهذا قول جمهور العلماء، اختار هذا القول ابن قدامة، وصاحب الشرح الكبير ابن أبي عمر، واختاره الشوكاني، والسعدي ومحمد بن إبراهيم.
أ- لحديث أم سلمة السابق (أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ اَلْجَنَابَةِ? وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْحَيْضَةِ? فَقَالَ: لا … )، ولو كان النقض واجباً لذكره لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
ب-ولما ورد في إنكار عائشة على ابن عمرو في غسلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنها لا تزيد على أن تفرغ على رأسها ثلاث فراغات.
ج- ولأنه موضع من البدن فاستوى فيه الحيض والجنابة كسائر البدن. وهذا القول هو الراجح.
قال الشيخ ابن باز: والصحيح أنه لا يجب عليها نقضه في غسل الحيض، لما رود في بعض روايات أم سلمة عند مسلم أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني امرأة أشد ظفر رأسي، أفأنقضه للحيض والجنابة؟ قال: لا)، ومذهب الجمهور أنه إذا وصل الماء إلى جميع شعرها ظاهره وباطنه من غير نقض، لم يجب النقض.
• … الحكمة من التفريق بين الجنابة والحيض عند من يقول به:
الحكمة: أن الأصل وجوب نقض الشعر، ليتحقق وصول الماء إلى ما يجب غسله، فعفي عنه في غسل الجنابة، لأنه يكثر فيشق ذلك فيه، بخلاف الحيض فالغالب أنه في الشهر مرة فلا مشقة في نقضه، فيبقى على مقتضى الأصل، وهو الوجوب.
• وهل للرجل نفس الحكم إذا ضفّر شعره؟
قال ابن قدامة: والرجل والمرأة في هذا سواء، وإنما خصت المرأة بالذكر لأن العادة اختصاصها بكثرة الشعر وتوفيره وتطويله.
(والمجزئ أن يعمم بدنه بالغسل مرة).
أي: والغسل المجزئ: أن يعمم بدنه بالماء مع المضمضة والاستنشاق.
لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ولم يذكر الله شيئاً سوى ذلك، ومن عمم بدنه بالغسل مرة صدق عليه أنه تطهر.
• قوله (ويعمم بدنه) يشمل حتى ما تحت الشعر الكثيف، فيجب غسل ما تحته بخلاف الوضوء، فلا يجب غسل ما تحته.
• الشعر الكثيف: هو الذي لا يُرى من ورائه البشرة.